إني حيال جراحك النجلاء
16
الفاغرة شفاهها الحمراء، كأفواه الخرس تستدر لساني وتستجيش بياني لأتنبأ وأتكهن.
لسوف يبتلى الناس بأخبث العاهات والآفات في جوارحهم وأوصالهم، ولسوف تستفحل العداوة بين الناس والشحناء، وتتسلط الضغائن والأحقاد على الصلات والأواصر، ولسوف تفتك الترات والأذحال بشوابك الأرحام، وتمزق الإحن روابط الإخاء وعرى القرابة حتى تتنافر الأسر وتتكافح وتتناحر الفرق والأحزاب وتتذابح؛ فتعم الفتنة أنحاء إيطاليا وتثقل كواهلها بأفدح الأعباء. ولسوف تكثر المذابح وتتوالى حوادث التخريب والتدمير، وتتتابع المشاهد المستنكرة والمناظر الشنعاء، ويألف الناس رؤية الدماء المهرقة والأشلاء الممزقة، حتى ترى الأمهات إذا أبصرن أطفالهن تقطع أرباعا بمخالب الحروب الضروس، وأنياب الوقائع الحمس لم يزدن على أن يبتسمن لكثرة ألفتهن هذه الحوادث، وطول اعتيادهن هاتيك الكوارث؛ مما هو جدير لفرط كثرته وثقل وطأته، أن يخنق الرحمة ويبهرها، فيشل حركتها ويسد منافذها في الجوانح والصدور.
وروح قيصر مطل من فوق ذلك طواف في أرجاء البلاد، مطالب بالثأر تسعى إلى جانبه شيطانة الانتقام والعذاب، منبعثة من أعماق جهنم تلتهب التهابا، يصيح: ويل لكم ثم ويل لكم! لا هوادة ولا هدنة، ولا موئل ولا معاذ ولا عاصم اليوم من أمر الله.
17
ثم يرسل على البلاد ذئاب الحرب العادية، وسباعها الفراسة الضارية؛ السيف والقحط والنار. حتى تتصاعد فوق أديم الأرض روائح الجيف العفنة المنتنة، وينبعث من هامها الصدى ينادي: ألا دافن يحثو علي التراب؟! (يدخل الخادم) .
أنت خادم لأوكتافيوس قيصر، ألست كذلك؟
الخادم :
بلى يا مارك أنطانيوس.
Неизвестная страница