منذ بضع سنوات كتبت أقول إن الشيوعية لا تصمد للتجربة عشر سنوات.
فلما أعلنوا في الصين أنهم دانوا بالشيوعية، جاءني من العراق سؤال نشرته مجلة الاثنين ينتفخ بالجهل والتحدي ويسألني مرسله: ألا تزال على اعتقادك أن الشيوعية لا تصمد للتجربة عشر سنوات؟
والذي يخدع أمثال هذا السائل في الحركات الاجتماعية أنهم يأخذونها بعناوينها وأسمائها، ويحكمون على «حسن» بأنه «حسن»؛ لأن اسمه حسن بشهادة أبويه وشهادة الأوراق الرسمية وشهادة من يناديه!
والشيوعية التي أعلنت في الصين إنما هي بقية الثورة الصينية التي نشبت سنة 1911 قبل الحرب العالمية الأولى، وقبل الظروف الداخلية والخارجية التي استفاد منها لينين وزملاؤه في إقامة الحكومة السوفيتية.
ولو لم تحدث في روسيا ثورة ولم يقم بعدها انقلاب، لتسلسلت الحوادث من ثورة سن ياتسن إلى ثوره «ماوتسي» وما يشبهها، ثم لا تلبث أن تستقر على الغرار الصالح للبقاء بعد ذهاب الرغوة وانجلائها عن المحض الصريح.
وسيرى المخدوعون بأعينهم أنه لا ثورة الروس ولا ثورة الصين تسفر غدا عن شيوعية ماركسية، وأنها في هذه اللحظة لا تثبت من الماركسية مقدار ما تنفض وتهدم؛ فلم تبق من الماركسية اليوم نظرية واحدة يعتمدها الثقات من أساطين الاقتصاد، وليس في وسع دعاة الروس أن يدلوا الناس على نظرية منها وضعت موضوع التطبيق فأسفرت عن نجاح.
وإن غدا لناظره قريب.
ولكن ...
ولكننا نقول مع الأسف الشديد إن أعداء الشيوعية يخدمونها حيث يتخاذل عنها الأصدقاء والأتباع.
فهؤلاء «الديمقراطيون» الذين يزجون بأصابعهم في كل مكان بحجة الخوف من الشيوعية، إنما يخنقون الأنفس ويخلقون فيها الريبة، ويحاربون العدوان المنظور بعدوان واقع يكظم الصدور وينفي عنها الأمل ذات الشمال وذات اليمين.
Неизвестная страница