ومن مناسبات هذا العطف بين الحوادث التي رواها واستمر على روايتها بعد استقالة أبيه، أنه عقد المقارنة بين إنذار للورد اللنبي على أثر مقتل السردار، وبين إنذار النمسا إلى الصرب بعد مقتل ولي العهد في سراجيفو، وتحفز الدول لتأييد الصرب من جانب، وتأييد مطالب النمسا من الجانب الآخر.
قال المؤلف بعد الإشارة إلى الإنذارين إن إنذار اللورد اللنبي قبلته وزارة مصرية بعد رفض سعد زغلول لمطالبه التي تناقض الاستقلال ... أما إنذار النمسا فقد كانت شدته البالغة سببا لاشتعال الحرب العالمية، وما جرت إليه من الخسائر والنكبات.
الحكماء الطائشون
ويذكر المؤلف كيف قبلت مطالب الإنذار في الوقت الذي وصلت فيه البرقية السرية من لندن بتعديل بعض هذه المطالب والعدول عن بعضها، وكانت حجة الساسة الحكماء عندنا في قبول ما قبلوه أنه «حكمة» تمليها الوطنية والبصر بدخائل الأمور، وهم كما تبين من أسرار هذه النكبة بعد ذلك أجهل الناس بالدخائل والظواهر، وأسرعهم إلى الاستخفاف بالوطنية وبالحكمة، وأجهلهم بما يريده الغاصبون حقا، وما يهولون به وهم فيه مختلفون.
وشيء لم يذكر في الكتاب
وشيء لم يذكر في الكتاب نضيفه إليه؛ لأنه مما نعلمه عن طرائف السودان، وقد يجهله المؤلف أو يعلمه ولا يملك المصارحة به في كتاب يترجم به أباه.
كان ونجت يتكلم العربية باللهجة السودانية كأحد أبنائها، وكان يتظرف بالتحدث بها إلى ضيوفه من مشايخ القبائل في الحفلات السنوية التي تقام بقصر الحاكم العام لرؤساء العشائر والدواوين.
وفي حفلة من هذه الحفلات طاف بموائد المشايخ من أهل البادية، وسأل أحدهم بلهجته المحلية: كيف أنك يا زول؟
قال الرجل: زين يا جناب السردار، ما يصعب علي غير حالك أنت والله!
فتشوف ونجت إلى استطلاع ما يريده هذا الشيخ الصريح، وسأله: وما لك صعبان عليك حالي يا زول؟
Неизвестная страница