وعقب انقضاء أسابيع دعاني إلى عمل عاجل في شقته بالدقي. ولما انتهينا من العمل دعاني للعشاء، توقعت ذلك من بادئ الأمر، وشاركتنا العشاء جولستان فلم أدهش. أعلنت أسفها على فسخ خطبتي بكلمة عابرة، ثم تركز الحديث على الغناء الحديث، وأسمعنا أنور علام شرائط متنوعة كعينات منه. - يبدو أنك تحبه يا بك.
فقال ببساطة: على الأقل لا أنفر منه.
وتلاقيت مع جولستان في نظرات مسترقة باحت بمودة لا خفاء فيها، دافئة وعميقة ومراوغة. إنها غير مقصرة في إبداء مفاتنها ورزانتها معا، كأنما تقول لي إني امرأة فاضلة ولكن لا حيلة لي مع مفاتني. هل يعجبك هذا الطراز من النضج الأنثوي المتخطي للشباب؟ المسألة بالنسبة إلي مسألة جوع أولا وأخيرا، لعلها تنظر إلي باعتباري حملا على حين أنظر إليها بعيني ذئب. أي ضغط يزاح عن أعصابي لو أذعنت لي كخليلة؟! لكن كيف ومتى وأين؟ وقال أنور علام: بعد شهر على الأكثر ينتهي العمل في فيلا جولستان الجديدة، وسوف تنتقل إليها وتتركني وحدي.
فسألته مجاريا لمسرى الحديث: «ولم لا تنتقل معها يا بك؟»
فأجاب: إني أفكر في إعداد شقتي للزواج، آن لي أن أتزوج.
رندة سليمان مبارك
الأمل في الزمن، هو أيضا يميت ويحيي. سيهلك المكروب ذات يوم ويتجلى وجه الشفاء، ولن يخذل الله مؤمنا صادقا. اليوم نتبادل الحديث ونتعاون كزميلين في مكتب واحد، كزميلين غريبين لم يذوبا في قبلة قط. وأحيانا أراه - مثلي - يستحق الرثاء، لم أعد أدينه ولم أعد أحترمه. التجربة الجديدة التي تقتحمني هي أنور علام. يستقبلني ببشاشة غير عادية، ويحاورني مداعبا معلنا عن إعجابه ومودته. إني أتوقع وأفكر تحت مظلة من الكبرياء تأبى التسليم بالهزيمة. من ناحية أخرى قدرت ماما أن الهدنة انقضت، وأنه آن لها أن تتكلم، فقالت لي ونحن جلوس معا في حجرة المعيشة: علمت أن إبراهيم بك مستعد أن يتقدم من جديد.
إنه كهل صاحب مصنع معادن تقدم منذ عامين ورفض. والظاهر أنها لاحظت استيائي فقالت: نحن متفقان على أنه طالما لا يوجد ارتباط فالأمر يفصل فيه العقل وحده.
فقلت معترضة: لكنه أرمل وأب!
فقالت برجاء: ولكنه غني ومستعد أن يأخذك بملابسك. - ليست مجرد بيع وشراء. - ولكننا لن نجد مثله بسهولة.
Неизвестная страница