فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا ، والمسلمون اقتبسوا هذه الكلمة من القرآن، واستعملوها للدلالة على سنة النبي وأصحابه.
وقد جرت العادة أن يرسل رسول الله من يعلم أهل البلاد القرآن والسنة. وكان الصحابة يكتبون هذه الأحاديث ويحفظونها؛ لأنهم كانوا يهتمون بكل ما يقوله النبي ويفعله. ومن الصحابة من كان يكثر كتابة الحديث كابن عمر وأبي هريرة، وبعضهم يقل إما لقلة حفظهم أو لاشتغالهم بأعمالهم. وروي عن أبي هريرة أنه قال: ما من أصحاب النبي أحد أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمر؛ فإنه كان يكتب ولا أكتب. وكان الرسول ينهى عن كتابة الأحاديث أحيانا خشية أن يخلط الحديث بالقرآن، والدين بعد غض جديد. وكثرت كتابة الحديث بعد وفاة رسول الله؛ لأن الذاكرة وحدها لا تكفي للمحافظة على الحديث. وقد بدئ جمع الحديث في حياة الرسول ثم كثر ذلك بعده خصوصا من أمثال أبي هريرة، فقد كان قوي الذاكرة، حاضر البديهة، يكاد يلازم المسجد، وكالسيدة عائشة؛ فإنها كانت من حفظة الحديث عن زوجها. وكان لها ذاكرة واعية، معنية بالتدقيق، لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه. وكعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس.
وكان المسلمون يرجعون في مسائلهم إلى القرآن والحديث، وبذلك ظهرت أهمية أحاديث الرسول. فقد كان يسأل الصحابة عند اجتماعهم هل عند أحد حديث في هذه المسألة، وكذلك سار التابعون. حتى كان الخلفاء أنفسهم يهتمون بجمع الحديث والحث على تدوينه. فقد أمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر بن حزم بقوله: «انظر ما كان من حديث رسول الله فاكتبه، فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء. ولا تقبل إلا حديث النبي، ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا.»
ثم بدئ في أواسط القرن الثاني من الهجرة في وضع مجاميع للسنة، وفي قصد الطلاب إلى تعلم الحديث، كما فعل الإمام مالك في المدينة، وعبد الله بن وهب في مصر، وسفيان الثوري في الكوفة، وعبد الله بن مبارك بخراسان.
وفي هذا الحين ألف الموطأ وأمثاله. وفي القرن الثالث الهجري تم جمع الحديث. وقد عني الجامعون بالسند. فلم يذكروا حديثا إلا بسنده. وقد كثر الحديث في ذلك العهد حتى أن مسند أحمد بن حنبل يحتوي على نحو ثلاثين ألف حديث. وقد توفي سنة 241ه. وكذلك فعل البخاري ومسلم. وقد عرفت كتبهما بالصحيحين. وكان المحدثون لا يصححون الحديث إلا إذا صح سنده. ولكن مع الأسف دخل في الحديث بعض الإسرائيليات، وبعض ما كان يرويه القصاص من غير تدقيق.
ومن المؤسف أيضا أن العلماء عنوا بنقد السند أكثر مما عنوا بنقد المتن. وقد وضعت قواعد للتحقق من صحة الحديث، فقالوا مثلا إنه يحكم بضعف الحديث إذا تعارض مع واقعة تاريخية معروفة، أو إذا كان الراوي من الشيعة والحديث يطعن في أحد الصحابة، أو كان من الخوارج والحديث يطعن في أهل البيت، أو كان الحديث مرويا عن واحد فقط، أو كان الحديث يخالف مبادئ القرآن وتعاليمه، أو كان الحديث يتضمن عقوبة شديدة لشيء تافه، أو نحو ذلك.
والأحاديث المجموعة مختلفة في أسمائها، فمنها المتواتر، وهو: ما رواه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب في كل قرن من القرون. ومنها الآحاد. وقد قسموا الأحاديث إلى ثلاثة أقسام؛ مشهور: وهو ما رواه آحاد في القرن الأول، ثم ذاع بعد ذلك ورواه عدد كبير في القرن الثاني والثالث. وحديث عزيز: وهو ما لم يرو عن أقل من طريقين، وحديث غريب: وهو ما كان في سلسلة سنده شخص واحد.
وقد جد المسلمون جدا عجيبا في جمع الحديث وترتيبه وتبويبه. ولم يألوا جهدا في الرحلات إلى أقصى البلاد لجمعه، ولم يقصروا في الاستفادة منه فيما يعرض لهم من أحكام.
أهم ركن للإسلام
وقد أثبت الدكتور ماكس موللر مكتشف اللغة السنسكريتية أن الناس كانوا في أقدم عهودهم على التوحيد الخالص، وأن الوثنية عرضت عليهم بفعل رؤسائهم الدينيين بغيا بينهم، وهذا يخالف عقيدة النشوء والارتقاء التي تدعي أن الناس عبدوا الأصنام أولا وعددوها، ثم لم يصلوا إلى التوحيد إلا أخيرا، وأن الوحدانية ارتقاء لنشوء الوثنية.
Неизвестная страница