ومن يتوكل على الله فهو حسبه ،
وتوكل على العزيز الرحيم ،
الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون ،
وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا .
وقد كانت عقيدة القضاء والقدر والتوكل سليمة في عهد الرسول وكبار الصحابة؛ فكانت لا تمنعهم من غزو وحرب وفتوح بلدان وتغلب على أمم، وقد فهموها فهما لا يمنع من الأخذ بالأسباب كما جاء في الحديث: «اعقلها وتوكل.»
فكانوا يؤمنون بارتباط الأسباب بمسبباتها؛ فالماء يروي والنار تحرق، وفي القرآن:
قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ، وفيه مئات من الآيات تدل على ارتباط الأسباب بالمسببات حتى جاء الأشاعرة فلم يربطوا بين الأسباب ومسبباتها، فلا تأثير عندهم للماء في الري، ولا للنار في الإحراق، قالوا وإنما المؤثر هو الله - تعالى - عند حدوث الأسباب لا بها. وقالوا بتكفير من اعتقد أن الله - تعالى - أودع قوة الري في الماء، وقوة الإحراق في النار، وإنما الإيمان والاعتقاد بأن الري جاء من جانب المبدأ الفياض بلا واسطة وصادف مجيئه شرب الماء من غير أن يكون للماء دخل في ذلك، وبذلك فكوا الأسباب عن مسبباتها فكان لهذا من الأثر البالغ ما جعل المسلمين فيما بعد يبالغون في عقيدة القضاء والقدر، ويربطون الحوادث بالخرافات والأوهام لا بالأسباب والمسببات؛ فالزرع إنما ينجح بالقدر ويفسد بالقدر، لا بما أثبته العلم وما يجره الإهمال. وهكذا أصبحت عقيدة القضاء فيما بعد صادة عن العمل ...
وفرق كبير بين العقيدة في القضاء والقدر وبين الجبر، فالقضاء والقدر الصحيحان يؤمنان بربط الأسباب بمسبباتها، ويحملان صاحبهما على العمل، ثم لتكن النتيجة بعد ما تكون، وعلى هذه العقيدة كان أكبر الشجعان الفاتحين من أمثال خالد بن الوليد وتيمورلنك والإسكندر ونحوهم، لا يهابون الموت؛ اعتمادا على أن ما قدر يكون. أما الجبر فيرى الإنسان كالريشة في مهب الريح، وما قدر لا بد أن يكون عمل الإنسان أو لم يعمل، تشجع أو لم يتشجع، وهذه العقيدة على هذا النحو دخيلة على الإسلام مما جعل كثيرا من الأوروبيين يجعلون من عيوب الإسلام العقيدة في القضاء والقدر، والتوكل على الله، ولو أنصفوا لعدوها بحالتها الحاضرة من عيوب المسلمين لا من عيوب الإسلام. •••
وخطا الإسلام في الرق خطوة واسعة؛ فهو لم يجزه إلا لمن يؤسر في حرب شرعية، أما اختطاف الولدان والبنات بشن الغارات على القبائل واتخاذهم عبيدا فعمل جاهلي لم يجزه الإسلام، وقد سوى الإسلام بين ذوي الألوان المختلفة سودا وبيضا؛ فقال الرسول: «ليس لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى أو بعمل صالح.» وقرر للأرقاء الحقوق التي للأحرار، بل جعل للرقيق مزايا ليست للأحرار بإعفاء الأرقاء من نصف العقوبات التي يحكم بها على الأحرار، وجعل العتق واجبا في كفارة اليمين، وكفارة الفطر في رمضان إلى غير ذلك، وأوجب على المسلمين حسن معاملة الأرقاء، قال
صلى الله عليه وسلم «اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم، أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، فما أحببتم فأمسكوا، وما كرهتم فبيعوا، فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم» وسأله رجل: كم أعفو عن الخادم؟ فصمت رسول الله
Неизвестная страница