لأن الاستحالة من طبيعة الأحلام، وما من حلم يتحقق إلا بطلت تسميته بالحلم، وانتقل إلى المحسوسات والمدركات.
فالسعادة طبقات وأصناف: والصنف الرخيص منها موجود وموفور ومبذول، والطبقة القريبة منها على متناول الباع الطويل والباع القصير .
فإذا قيل: إن أصنافا منها لا تبذل ولا تتوافر، فكذلك الصنف الغالي من كل شيء، حتى العدس والقطن والورق والتفاح.
وإذا قيل: إن الطبقات العالية منها لا تنال أو لا تنال في كل حين، ولا ينالها كل إنسان، فكذلك كل طبقة رفيعة من كل سلعة وكل ثمرة وكل موجود.
هناك لحظات سعيدة في الحياة، فهناك إذن سعادة لا مراء.
ولكن ليس في الدنيا أناس سعداء؛ لأن السعادة الملازمة للإنسان في كل حالة وكل مطلب هي المثل الأعلى، وهي الحلم، وهي الغاية التي لا تدرك، والبغية التي لا تنال.
وما هي السعادة بعد هذا؟
هل هي من عالم السكينة أو من عالم الحركة؟ وهل السعيد من لا يتحرك، أو السعيد من لا يسكن؟
هي هذا وذاك ...!
فللسكينة سعادتها وللحركة سعادتها، ولكنهما لا تتشابهان:
Неизвестная страница