Якутат Гияса

Ибн Ханаш d. 719 AH
92

Якутат Гияса

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Жанры

وأما ماذكره الشيخ (رحمه الله) في آخر كلامه، فإذا كان ضرر العقاب لا يتم للمكلف دفعه لا بفعل الطاعة، وترك المعصية، ولا يحسن منه فعل الطاعة وترك المعصية إلا بعد معرفة المطاع؛ لأنه لا يأمل أن يكون غير مستحق لها قبل معرفته له، فإن هذا غير صحيح، والإعتراض عليه من وجهين:

أحدهما: أن الطاعات التي لا تحسن إلا بعد معرفة المطاع وهو الله تعالى، واستحقاقه للعبادة، إنما هي العبادات الشرعية، والعلم بوجوبها، وحسنها لا يحصل الأمر جهد الشرع، ولو خلينا والعقل لقضينا بقبحها فإذا كثر لا يعرف حسنه ووجوبها إلا بعد معرفة الله تعالى لم يصح الاستدلال على وجوب معرفة الله تعالى بوجوب هذه العبادات واستحقاق العقاب بتركها؛ لأنه يلزم منه ذلك الدور والتوفيق، فلا يجب علينا المعرفة إلا بعد العلم بوجوب هذه العبادات؛ لأنه الدليل على وجوبها، ونحن لا نعلم وجوبها إلا بعد معرفة الله تعالى وعدله وحكمته وصدق رسله؛ لأن الدليل على وجوب العبادات وحسنها هنا الشرع الذي لا يصح إلا بعد صحة الاستدلال، وأنه لا يلزم منه الدور والتفوق لما صح الاستدلال به على الأصل الرابع من هذه الدلالة؛ لأنه يكون انتقالا من دليل إلى دليل، فالدلالة التي نحن فيها هي الاستدلال على وجوب المعرفة بأنها لطف.

وما ذكره الشيخ (رحمه الله) استدلال على وجوبها بوجوب العبادات، وهذه دلالة إن صحت غير دلالة اللطف ولا حاجة بها إلى الأصول المتقدمة من دلالة اللطف وإلى إلا شيء منها.

وأما الأصل الثاني: وهو أن النظر طريق إلى معرفة الله تعالى، فاعلم أن النظر هو الطريق إلى العلوم الاستدلالية جميعها، والذي يدل على ذلك وجوه:

أحدها: أنا نعلم من حال العقلاء أنهم يفزعون إلى النظر عند التباس الأمور وإشكالها كما يفرحون إلى الإدراك عند التباس المدركات، فلولا علمهم أنه طريق إلى العلم وإلا لما فزعوا إليه.

Страница 93