أما الموضع الثاني: وهو في الدليل على أنها موانع، فالذي يدل على ذلك أنا لا نعني بالمانع [59ب] إلا ما لأجله يتعذررؤية المرئي على الرائي مع استمرار حاله في كونه حيا لا آفة به وهذا حاصل، وكل واحد من هذه الموانع فيجب أن تكون موانع لأنا نعلم أنه يتعذر علينا الرؤية عند كل واحد منها.
وأما الموضع الثالث: وهو في الدليل على أنها مرتفعة في حق الله تعالى، فالذي يدل على ذلك انها لا تمنع إلا من رؤية الأجسام والألوان، والله تعالى ليس بجسم ولا لون على ما يأتي بيانه.
وأما الأصل الثالث : وهو أن المدرك موجود فسيأتي بيانه في مسألة قديم.
وأما الأصل الرابع: وهو أن هذه الشروط التي معها ترى المرئيات فالذي يدل على ذلك أن الواحد منا متى كان صحيح الحاسة والموانع مرتفعة، والمدرك موجود، فإنه يجب أن يدرك المدركات بكل حال، ومتى اختل شيء من ذلك فإنه يستحيل أن يدرك المدركات، فلو وقف كونه مدركا على أمر زائد على ما ذكرنا من ذلك أو غيره لجاز أن يجتمع ما ذكرنا، ولا تكون مدركا بأن لا يحصل ذلك إلا من الزائد والمعلوم خلافه، فثبت الأصل الأول وهو أن الله تعالى لو صح أن يرى في حال من الأحوال لرأيناه الآن.
وأما الأصل الثاني: وهو أنا لا نشاهده الآن فالذي يدل على ذلك أنا لو شاهدناه الآن لعلمنا ضرورة وقد بينا أنه يقال لا يعلم ضرورة في دار الدنياء.
وأما أنه تعالى لا يعرف بالأخبار المتواترة، فالكلام فيه يقع في موضعين:
أحدهما: في معنى التواتر، وحقيقته في أصل اللغة والاصطلاح، وشرائطه.
والثاني: في الدليل على أن الله تعالى لا يعرف بالأخبار المتواترة.
أما الموضع الأول: وهو في معنى التواتر وحقيقته وشرائطه، أما معناه: فمعنى التواتر ورود الشيء مع فترة بينهما ومنه قوله تعالى: {ثم أرسلنا رسلنا تترى}.......... ومتى أظيف التواتر إلى الخبر فهو مجيء خبر بعد خبر لها على وجه الإتصال.
Страница 111