Министры и писатели
الوزراء والكتاب
[40]
صحب أحدكم الرجل فليستشف خلائقه، كما يستشف الثوب، يشتريه لنفسه، فإذا عرف حسنها وقبيحها، أعانه على ما يوافقه من الحسن، واحتال لصرفه عمالا يوافقه من القبح، بألطف حيلة، وأحسن مداراة ورفقة. فقد عرفتم أن سائس البهيمة، إذا كان حاذقا بسياستها، التمس معرفة أخلاقها، فإن كانت رموحا اتقاها من قبل رجلها، وإن كانت جموحا لم يهجها إذا ركبها، وإذا كانت شموسا توقاها من ناحية يدها، وإن خاف منها عضاضا توقاها من ناحية رأسها، وإن كانت حرونا لم يلاحها، وتتبع هواها في طريقها، وإن استمرت عطفها، فيسلس له قيادها. ومن هذا الوصف من سائس البهيمة، ورفق سياسته دليل وأدب لمن ساس الناس وعاملهم، وخدمهم وصحبهم.
والكاتب بفضل رأيه، وشرف صناعته، ولطيف حيلته، ومعاملته لمن يحاوره ويناظره، ويفهم عنه ويخاف سطوته، أولى بالرفق بصاحبه، ومداراته وتقويم أوده، من سائس البهيمة التي لا تحير جوابا، ولا تعرف خطأ ولا صوابا. إلا بقدر ما يصيرها إليه سائسها أو صاحبها الراكب لها. فأدقوا - يرحمكم الله - النظر، وأعملوا فيه الروية والفكر، تأمنوا ممن صحبتموه، بإذن الله، النبوة والاستثقال والجفوة، ويصيروا منكم إلى الموافقة، وتصيروا منهم إلى المواساة والشفقة، إن شاء الله.
Страница 69