[13]
درهم، فلما رفع زياد حسابه، قال معاوية: ما كتبت له إلا بمائة ألف درهم، وكتب إلى زياد بذلك، وأمره أن يأخذ المائة الألف منه، فحسبه بها. فاتخذ معاوية ديوان الخاتم، وقلده عبد الله ابن محمد الحميري، وكان قاضيا.
وكانت العرب إذا كتبت إلى أحد، شريفا كان أو مشروفا، بدأ الكاتب بنفسه إلى المكتوب إليه، وكتب: من فلان إلى فلان.
وقد حكي أن العلاء بن الحضرمي كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من العلاء بن الحضرمي إلى محمد رسول الله، وكان عامله على البحرين. وعلى ذلك جرى الأمر إلى أيام معاوية، فأراد عبد الله بن عمر أن يكتب إليه، لما استجمع عليه، في حاجة، فأشار ولده أن يبدأ به في الكتاب، فكتب: إلى معاوية بن أبي سفيان، من عبد الله بن عمر.
وكان زياد يجلس في كل يوم للنظر في أسباب عمله إلا يوم الجمعة.
وخلا يوما يملي على كاتبه أسرارا له، وبحضرته عبيد الله ابنه، فنعس زيادا، فقام ينام، فقال: لعبيد الله: تعهد هذا، لا تغير شيئا مما رسمته له، فعرضت لعبيد الله حاجة إلى البول، واشتد ذلك به، فكره أن ينبه أباه، وكره أن يقوم عن الكاتب، فشد إبهاميه بخيط وختمهما، وقام لحاجته. فاستيقظ زياد قبل عودة عبيد الله، فلما نظر إلى الكاتب: سأله عن خبره، فخبره، فأحمد ذلك من فعل عبيد الله.
وذكر أن زيادا دخل يوما ديوانه، فوجد فيه كتابا، وفيه: ثلاثة دنان، فقال: من كتب هذا؟ فقيل: هذا الفتى، فقال: أخرجوه من ديواننا لئلا يفسده، وامح هذا واكتب: آدن.
وكان يكتب لزياد على الخراج زاذا نفروخ، ويكتب له على الرسائل عبد الله بن أبي بكرة، وجبير بن حية، وكان يكتب له أيضا مرداس مولاه.
وتوفي زياد يوم الثلاثاء لأربع خلون من شهر رمضان من سنة ثلاث وخمسين.
Страница 18