Экзистенциализм: Очень Краткое Введение
الوجودية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
انتقاد المفكر الصادق لنفسه - الذي بلغ ذروته لدى كيركجارد ونيتشه بعد فترة طويلة فاصلة من الإيمان بالمسيحية - قد انحط في ضوء التحليل النفسي إلى اكتشاف الرغبات الجنسية والتجارب النمطية للطفولة؛ إنه تقنيع لانتقاد صادق وخطير في نفس الوقت للذات عن طريق إعادة اكتشاف الأنماط المألوفة في عالم من الرغبات الملحة المفترضة، حيث تعتبر المستويات الأدنى من حياة الإنسان ذات صلاحية مطلقة.
من بين هذه المجموعة - وقتذاك - أظهر ميرلوبونتي وحده اهتماما كبيرا باللاوعي الفرويدي، وكذلك نسخته الفرنسية البنيوية التي روجها المحلل النفسي جاك لاكان (1901-1981). وكي لا يستنتج المرء أن قبول اللاوعي الفرويدي يتعارض مع الإنسانية الوجودية في مجملها، يجب أن ينتبه إلى الاحتمالية النيتشية الخاصة ب «استقلال الذات» التي سعى التحليل النفسي إلى بلوغها والتي يشكك ياسبرز فيها. موضع الجدال هنا هو نوع الحرية التي يمكن أن يتوقعها المرء من عامل متجسد وقائم اجتماعيا. ويبدو أن الوجوديين منقسمون حول هذا.
شكل 3-2: هايدجر والحديقة، ووراءهما الغابة.
2 (2) بديل للفلسفة الإنسانية؟
لم أناقش بعد فكر مارتن هايدجر بالتفصيل. يزعم الكثيرون من أتباعه أن هذا الفيلسوف الأوروبي البارز لم يكن وجوديا على الإطلاق. لا بد بالتأكيد من التسليم بأن اهتمام هايدجر المعلن كان منصبا على معنى الوجود، وليس على المسائل الأخلاقية أو النفسية التي اهتم بها كيركجارد ونيتشه. وقد سأل في أهم أعماله «الوجود والزمن» (1927): «ما معنى أن توجد؟» وتعكس كتاباته اللاحقة تركيزا شاعريا - إن لم يكن صوفيا - على التخلص من العقبات في حياتنا الشخصية والثقافية لحين وقوع ما أطلق عليه اسم حادثة الوجود. بعبارة أخرى: على مدار حياته المهنية، انتقد هايدجر أولئك الذين صرفوا انتباهنا عن بلوغ الوجود عن طريق التركيز على مسائل ميتافيزيقية متعلقة بالجوهر والوجود، والسبب والنتيجة، والذات والموضوع، ونظريات حول الطبيعة البشرية.
في مقال هايدجر الشهير «رسالة في النزعة الإنسانية» (1947)، الذي كتب ظاهريا كرد على محاضرة سارتر المذكورة آنفا، انتقد الفلسفة الإنسانية التقليدية بسبب تعريفها «للإنسان» باعتباره «حيوانا عاقلا» أو «حيوانا ناطقا». ينتقص مثل هذا المفهوم - في رأي هايدجر - من قيمة الإنسان، ويؤدي بسهولة إلى ظهور مجتمع صناعي يعرف الإنسان من حيث إنتاجيته، ويقيم كل القيم من حيث نفعها الاجتماعي أو الشخصي. يرى هايدجر أن سارتر عاجز عن الهروب من هذه الميتافيزيقا التقليدية والأنثروبولوجيا الفلسفية الناتجة عنها. تكمن عظمة «الإنسان» (أو ما يسميه هايدجر «الكائن هنا»، قاصدا الطريقة الإنسانية للوجود) في انفتاحه على الوجود، وفي قدرته على الاحتفاظ بمكان في العالم ليمارس فيه ما سماه هايدجر بواقعة وجوده. وفي تعبير شهير مأخوذ من عمله اللاحق، يطلق هايدجر على الإنسان/الكائن هنا اسم «راعي الوجود». وعظمته في البقاء منفتحا ويقظا «للنداء» أو للبعد «المقدس» هي التي تتجاوز همومنا اليومية. ينصحنا هايدجر بضرورة تعلم أن «نفكر شاعريا» بدلا من التصرف بدافع ذرائعي وحسب. لو تقبل المرء هذه النصيحة، يمكن إذن النظر إلى هايدجر في كتابه الثاني على أنه مبشر بالنزعة الإنسانية «الحقيقية»: النزعة التي تركز على أقوى إمكانات الإنسان؛ وهذا هو ما ادعاه في رسالته.
مارتن هايدجر (1889-1976)
نظرا لترعرع هايدجر وسط جبال جنوب غرب ألمانيا، لم يفتر حبه للطبيعة أو احترامه للحياة البسيطة. تلقى تعليمه في جامعة فرايبورج إم برايجاو، حيث عمل مساعدا لإدموند هوسرل، واعتبر زملاؤه كتابه الأول «الوجود والزمن» (1927) عملا عبقريا؛ لأنه قدم فينومينولوجيا تفسيرية اختلفت عن تلك التي تبناها أنصار هوسرل التقليديين. ومع هذا، خلف هايدجر هوسرل - بناء على توصية من هوسرل نفسه - في رئاسة قسم الفلسفة في فرايبورج. يبقى ارتباطه لاحقا بالحزب الاشتراكي القومي (النازي) مثار الكثير من الجدل. إلا أن سمعته كفيلسوف بارز لا غبار عليها.
لكن يجب أن نضيف أن هذا الحديث يبدو بعيدا كل البعد عن الموضوعات الوجودية والفرضيات التي ناقشناها حتى الآن. في واقع الأمر، يتبنى هايدجر في كتابه الأول، «الوجود والزمن»، العديد من مفاهيم كيركجارد ونيتشه ليفسر كيف نبلغ كياننا الذي لدينا عنه بالفعل قدر من المعرفة. وهو يوظف أسلوبا «تفسيريا»، أو تأويليا، ليوضح هذه المعرفة الأساسية. ويبين ظهور هذا الفهم المسبق ارتباط فكره بالفكر الوجودي. ومع أننا سنتناول الأمر بمزيد من التفصيل في الفصل الأخير، فيجب أن ننتبه هنا إلى أن مفاهيم مثل «القلق » (القلق الوجودي) والوقتية الوجدانية - التي سبق مناقشتها - تتجلى بصورة رئيسية في فكره المبكر، وكذلك فكرة وقتنا الفاني (وجودنا المتجه نحو الموت)، أي الإدراك والقبول الإيجابي الذي يجسد ضعفنا ويجعلنا منفتحين على معنى الوجود من خلال مواجهتنا باحتمال نهاية وجودنا.
يجسد الروائي سول بيلو هذه الرؤية الهايدجرية من خلال تأملات شخصية موسى هيرتزوج في رواية تحمل نفس الاسم:
Неизвестная страница