Экзистенциализм: Очень Краткое Введение
الوجودية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
نادرا ما يمكن تحقيق مثل هذه المهمة في محاضرة مسائية. في واقع الأمر، تكمن مزايا وعيوب هذا الخطاب القصير في محاولته تحقيق ذلك. استعان سارتر بنظرية كانط عن المبادئ العامة (المبادئ التي أوقفها إبراهيم - أحد شخصيات كيركجارد - من أجل هدف أسمى) عندما قال إنه ما من إنسان يستطيع أن يكون حرا بالمعنى الملموس (وليس فقط بالمعنى المجرد المستخدم في «الوجود والعدم» الذي يصف الفرد بأنه حر) ما لم يكن الجميع أحرارا. وهو يصر على قوله: «عندما أختار، فإنني أختار لجميع الناس.» وفي كلمات تحمل نبرة كانطية مميزة، يدعو سارتر كل فرد أن يسأل نفسه: «هل أنا من له الحق في التصرف بالشكل الذي يجعل البشرية تنظم نفسها وفق تصرفاتي؟» بدا أن هذا يعكس حس المسئولية تجاه الآخر وحتى تجاه المجتمع ككل بشكل يختلف عن آرائه السابقة. مع هذا طرح سارتر مبدأ أخلاقيا آخر عندما أكد أنه مع كل اختيار أخلاقي فإننا نكون صورة عن الشخص الذي نريد أن نكونه، بل في الواقع نكون صورة عما يجب أن يكون عليه أي شخص أخلاقي، فقال: «في الحقيقة لا يوجد فعل واحد من أفعالنا، عند تكوين صورة الشخص الذي نريد أن نكونه، لا يكون في نفس الوقت «صورة» عن الإنسان الذي نحكم بأنه «يجب» أن يكون عليه.» مهما كان دور هذه المبادئ في تشكيل النظرية الاجتماعية، فلم يبد أن أيا منها يستكمل ما نشره سارتر حتى ذلك الحين. وفي ضوء عمله اللاحق عن الأنطولوجيا الاجتماعية (انظر
الفصل الخامس )، تعد هذه الملاحظات استبصارية، لكنها تظهر في هذه المحاضرة كجسم غريب لإنقاذ المؤمن بالفردية من نقاده الماركسيين والدينيين. إننا نشهد - في الواقع - سارتر وهو يفكر بصوت عال، ويتفلسف «هائما». لقد مثلت التناقضات البادية في هذه المحاضرة إحراجا واضحا له، على أهميتها في تسجيل تطور فكره. وفي الحقيقة، هذا هو العمل الوحيد على الإطلاق الذي أعلن صراحة ندمه على نشره. ومن قبيل المفارقة يبدو أن هذا هو عمله الفلسفي الوحيد الذي يقرؤه الجميع.
عندما قال سارتر إن الوجودية فلسفة إنسانية، كان يعني أنها تضع الإنسان في مركز اهتمامها وعلى قمة هرم قيمها. ومع أنه يذكر الوجوديين الملحدين في هذه المحاضرة، مستشهدا بياسبرز ومارسيل كمثالين، فإنه من الصعب إيجاد مكان لهم في نص خطابه. بدلا من ذلك، فإنه يصر على أن القيمة المطلقة، أو غاية محاولاتنا، يجب أن تكون رعاية حرية الفرد، التي قصد بها تحسين إمكانياته الملموسة في الاختيار. وهو يشير إلى أنه لا يجب التضحية بهذه الحرية الإبداعية من أجل أي قيمة «أسمى»، سواء أكانت «الطبقة» لدى الماركسيين أم «الإله» لدى المؤمنين المتدينين. يتطابق هذا مع الصورة التي سماها نيتشه ب «الأرواح الحرة» في كتابه «هو ذا الإنسان». عندما يصر سارتر أنه على المرء أن «يختار، أي أن يبتكر»، فإنه لا يعني ببساطة أن «يرتجل»، بل يشير إلى القرار المسئول بأن يكون مع أو ضد الحرية نفسها.
شكل 3-1: الأمل الوحيد هو أن ندرك أنه لا يوجد أمل (مطلق).
1
يتفق ألبير كامو مع سارتر ونيتشه في أنه مهما كانت الغاية التي يحويها عالمنا، فإن الأفراد هم من يخلقونها سواء وحدهم أو في علاقات اجتماعية، لكنه يرى هذا مصدرا لقلقنا؛ فنحن نشتاق إلى غاية يقدمها كون يهتم لكننا لا نجد إلا سماء خاوية. ماذا نفعل في مواجهة ما يسميه ب «عبثية» هذا الموقف؟ يقدم كامو عزاء وجوديا في تفسيره لأسطورة سيزيف الإغريقية؛ ذلك الإنسان الفاني الذي حكمت عليه الآلهة بأن يحمل صخرة صاعدا بها الجبل، فإذا بلغ قمته رآها تسقط، وهكذا يتكرر الموقف بلا نهاية. ومع هذا يزعم كامو أنه يعتبر سيزيف سعيدا في اللحظة التي يعود فيها إلى استرداد الصخرة عند سفح التل. لماذا يعتبره سعيدا؟ لأن سيزيف سما فوق قدره، ليس بالاستسلام المتبلد بل «بالاختيار المتعمد». وبهذا يظهر أنه أفضل من هذه الصخرة الجامدة. وحسبما قاله نيتشه، فقد حول «ما كان» (ماضيه ومعطيات موقفه) إلى «هذا ما أردته».
بالنظر إلى هذه الحكاية الرمزية عن العبثية المطلقة التي تتسم بها الحياة، يشير كامو إلى أن أملنا الوحيد هو الاعتراف بأنه لا يوجد أمل مطلق. ومثل الرواقيين القدامى، يجب أن نحجم توقعاتنا في ضوء فنائنا. (1) الفلسفة الإنسانية واللاوعي
يتمثل شعار الفلسفة الإنسانية لدى سارتر، الذي يتردد صداه في أعمال كامو ودي بوفوار، في أنك تستطيع دائما أن تصنع شيئا مختلفا عما وجدت نفسك عليه. وهكذا تحوي «التشاؤمية» الوجودية مضرب الأمثال أملا عميقا، وإن كان محدودا. كانت هذه رسالة كامو في مقاله «أسطورة سيزيف»، مثلما كانت رسالة نيتشه في اعتناقه للقدر. إنها النتيجة الإنسانية الرئيسية لرفض سارتر اللاوعي الفرويدي؛ لأن هذه الدوافع والقوى تسلبنا حريتنا ومسئوليتنا.
لا يتسم جميع الوجوديين بكل هذا الشك في اللاوعي؛ فقد شاهدنا شخصية القاضي ويليام - التي رسمها كيركجارد - وهي تشير إلى الاختيارات اللاواعية والقوى الغامضة. وفي ضوء ادعاءات نيتشه حول الدوافع والغرائز اللاعقلانية، يمكن أن يقدر المرء اعتراف فرويد بأن نيتشه سبقه في جوانب عديدة. ولو كان قيل إن هايدجر لا يبالي بالتحليل النفسي، فقد ناقش على الرغم من ذلك كثيرا من ممارسي التحليل النفسي في مناسبات عدة بناء على طلب صديقه المقرب - المحلل النفسي السويسري مينارد بوس. في الحقيقة، صاغ لودفيج بينسوانجر مقاربة مؤثرة للتحليل النفسي اعتمدت على مفاهيم هايدجر. أما موقف ميرلوبونتي تجاه اللاوعي فبدا غامضا. في واقع الأمر، لقد رأى أن اللاوعي لم يكن بعد فكرة مكتملة لدى فرويد نفسه، وكان مؤمنا بأن مصطلح فرويد اقترب مما سماه مفكرون آخرون تسمية أدق ب «الإدراك الغامض» أو «الإدراك غير العاكس»، وهو رأي يتفق معه سارتر. على أي حال، احترم ميرلوبونتي التحليل النفسي الفرويدي طيلة حياته المهنية. وحتى معارضة سارتر الشهيرة للاوعي قابلة للشك. وقد ذكر تلميذه السابق والمحلل النفسي المرموق جين برتراند بونتاليس أنه يوما ما سيكتب تاريخ العلاقة التي امتدت ثلاثين عاما بين سارتر والتحليل النفسي، وهي مزيج غامض بين شعورين عميقين متساويين من الانجذاب والنفور، وربما يعاد تفسير أعماله في ضوئها. أما كارل ياسبرز - وهو طبيب نفسي ساعده سارتر في ترجمة بحثه الأهم «الأمراض النفسية العامة» إلى الفرنسية في عشرينيات القرن العشرين - فتحدث عن «أرض الوعي الإنساني بعيدة المنال».
لكن اللاوعي الفرويدي يثير حنق الوجوديين؛ فياسبرز نفسه - الذي يتحدث مثل سارتر - ينتقد الرأي الفرويدي القائل: «الإنسان دمية في يد لاوعية، و[أنه] عندما يلقى ضوء واضح على اللاوعي، سيكون الإنسان سيد نفسه.» وعلى النقيض، يعترض ياسبرز قائلا:
Неизвестная страница