Религиозная экзистенциализм: исследование философии Пауля Тилиха
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
Жанры
إن النسيان قوة مجدية لأقصى الحدود، ولا خوف منه البتة؛ لأنه لا شيء أبدي سرمدي أو إلهي مقدس يمكن أن ينسى؛ ليس ينسى إلا ما هو خاو ووقتي زائل، باختصار ليس ينسى إلا ما هو خليق بالنسيان، يقول تيليش إن الحياة لا يمكن أن تستمر بغير إلقاء الماضي في قلب الماضي وتحرير الحاضر من عبئه، وبغير هذه القوة يمكن أن تغدو الحياة بغير مستقبل سوف يستعبدها الماضي؛ ويستشهد بأنه كان ثمة أمم عاجزة عن أن تلقي بأي شيء من ميراثها في قلب الماضي، وبهذا حرمت نفسها من النماء، طالما أن ثقل ماضيها يسحق حاضرها ويوردها موارد الانطفاء والانقراض، وفي بعض الأحيان قد نسأل عما إذا كان هذا هو حال المسيحية، وأيضا الأديان الأخرى؟ أليست ترتبط كثيرا بماضيها ولا تترك منه إلا ما ندر؟ يجيب تيليش بأن نسيان الماضي فعلا أصعب بالنسبة للدين؛ لكن الله ليس فقط البداية الذي أتينا منها، سبحانه أيضا النهاية التي سنئوب إليها؛ إنه الأول والآخر ، المبدئ والمعيد، خالق الماضي القديم، وأيضا المحدث الجديد؛ وهبنا الوجود الحاضر الذي يرتكز على الماضي ولكنه مشدود للمستقبل. ووهب الإنسان نعمة النسيان؛ والكنيسة التي تتنكر لهذه النعمة، تقع في مهاوي الإغراء التي وقعت فيها الكنائس السابقة؛ أي تجعل من نفسها بمثابة إله سرمدي. إن الإنسان لا ينسى اسمه وهويته، كذلك الكنيسة ليس مطلوبا منها أن تنسى أسسها؛ لكنها إذا كانت عاجزة أن تخلف وراءها الكثير مما تم بناؤه على هذه الأسس فسوف تفقد مستقبلها.
7
من حديث تيليش هذا، الذي تعمدنا أن نضع فيه «الله» لأنه ينطبق على كل الأديان بقدر ما ينطبق على المسيحية، فضلا عن البروتستانتية، يغدو واضحا أن غايته من كل تحديث هي ضمان المستقبل الآتي للكنيسة وللدين، ومن الجهة الأخرى لفلسفته أو للحدود، ضمان المستقبل الآتي للحضارة. إن تيليش مشدود صوب المستقبل مبرأ من خطر التدله بالماضي والوقوع في براثنه، وهو خطر داهم رجال الدين واللاهوت أيسر مراميه وفي طليعة ضحاياه. وأحسب أن اللاهوت الليبرالي الحضاري البروتستانتي هو الذي كفل له هذه الحماية وجعله على وعي بالعلاقة التي ينبغي وأن تكون بين الدين وبين المتغيرات الحضارية. يقول تيليش إن مشكلته اللاهوتية الأساسية تأتت من تطبيق العلاقة بالمطلق المتضمن للألوهية، على نسبية الديانة الإنسانية؛ لأن الدوجماطيقية الدينية نشأت حين ارتدى الدين التاريخي عباءة الصحة غير المشروطة للمقدس، كما يحدث حينما يطالب كتاب أو شخص أو جماعة أو مؤسسة أو مبدأ ... بالسلطة المطلقة وبإخضاع كل واقع آخر؛ لأنه لا يمكن أن يوجد مطلب آخر بجوار المطلب غير المشروط للمقدس. ولكن كون جذور هذا المطلب في الواقع التاريخي، فإن هذا هو أصل كل تبعية (هترونومي
Heteronomy )؛
8
أي كل انقياد خاطئ ومرفوض أدت إليه الكاثوليكية، وقامت البروتستانتية أصلا لترفضه.
والحق أن تيليش ليس فريدا أوحد في هذا الصدد، إنه يندرج مع بولتمان ونيبور وبونهوفر وسواهم من اللاهوتيين البروتستانتيين المعاصرين - على الرغم من الخلافات الشديدة بينهم - في زمرة واحدة، هي زمرة الباحثين عن مفهوم جديد للألوهية والوحي والعقيدة، وبصفة أكثر عمومية، يلاحظ جون ماكوري في مسحه للفكر الديني الغربي للقرن العشرين، أنه على الرغم من التعدد الضخم في تياراته وتضاربها وأحيانا تناقضها، فإن سمته المميزة هي الرغبة في التحديث والتغيير والانقلاب، أو على الأقل الافتراق عن القديم؛ نظرا لأنه قرن تغير فيه كل شيء تقريبا، ولا مندوحة عن الاعتراف بأن تغيرات الفكر الديني كانت بدورها جذرية حقا؛
9
ومع هذا فإن أحدا لم يبذل مثل ما بذله تيليش من أجل تحديث اللاهوت والتعبير عن العقيدة المسيحية تعبيرا جديدا مصوغا وفقا لتقاليد ومصطلحات الفكر الغربي الحديث، بحيث يحافظ على جوهر الديانة المسيحية الفريد،
10
Неизвестная страница