78

فقال الشيخ في صوت خافت: إذن لقد تكلفت شططا أيها الملك.

فقال أبرهة وقد أحس الصدمة: ماذا تعني؟

فقال الشيخ: أعني أنك تأتي بهذا الجيش الكبير، وهذه الفيلة الضخمة التي لم يطأ أرضنا مثلها من قبل، وتملأ فضاء الهضبة بخيلك ورواحلك، وأنت تعلم أن صحرائنا تضيق عن سرحنا نحن، ومع هذا تقول إنك لم تأت غازيا. فإذا لم تجئ غازيا أجئت مع هؤلاء حاجا؟

وكانت نبرات صوته الهادئ تفيض سخرية.

فجمع أبرهة أطراف ثوبه وفي نفسه دفعة من الغيظ، ولكنه ملك نفسه وقال هادئا: ماذا قلت يا أبا عبد الله؟

فقال الشيخ هادئا: أسألك: هل جئت حاجا؟ هل جئت للحج إلى هذا البيت العتيق الذي يحج إليه الناس جميعا؟

ولمعت عيناه ببريق فيه لون من السرور المكبوت.

فقال أبرهة متحديا: بل جئت لأهدمه. أمثلي يحج إلى هذه الكعبة الشوهاء ويصلي إلى هذه الأوثان؟ ما جئت إلا لأهدمها، وما بعثت إليكم إلا رحمة مني أن أسفك الدماء في قتال من أجل كومة حجارة، فكيف ترضى وأنت شيخ حكيم كما علمت، أن تعبد هذه الدمى وأن تقول إنني جئت لأحج إليها؟ هذه الدمى الحجرية الرخيصة.

فقال عبد المطلب وزادت عيناه التماعا: نتخذها لك من ذهب إذا شئت أيها الملك.

فقال أبرهة غاضبا: أشيب وسخرية؟

Неизвестная страница