فقال سيف ساخرا: أنتحدث عن أنسابنا؟
فقال يكسوم جامدا: لا حاجة بنا إلى هذا، ولكنها خاطرة طارئة. أتتبرأ ممن أحسن إليك ومن تقول إنه كان برا رحيما؟ ألم يكن أبرهة سوى صديق؟
فقال سيف: لو عرفت معنى الصديق عندي لعرفت كيف أصفه.
فقال يكسوم: ومن هذا الذي تنادي الناس باسمه، وتتوافد عليك الوفود لتتحدث عن مفاخره؟ أتريدها ثورة جديدة؟ ما هذا الاسم الجديد؟ أهو ذو يزن؟
فانتفض سيف قائلا: ليس ذلك الاسم جديدا، وهل تجهله حتى أذكرك به؟ نعم هو ذو يزن، هو أبي ذو يزن، وهو أولى أن أسمى باسمه ولست أبغي عنه بديلا. أهذا كل ما أردت أن تقوله؟
فقال يكسوم متمهلا: لا، لا، كل هذه خواطر تخطر لي في ثنايا حديثك، وما جئت بك إلى هنا إلا لكي أقول لك كلمة؛ لقد آن لك أن تطرح ما تعودته من تدليل أبرهة، ليس لك اليوم إلا الجد والحذر، أو عداوة سافرة.
فقال سيف هادئا: عرفت ذلك قبل أن تقوله.
فقال يكسوم غاضبا: بل أرهف أذنيك فإني أنذر وأحذر، لست أنطق إلا جدا مرا.
فتضاحك سيف قائلا: علمت أنني لم أجئ لألهو.
فقال في صيحة: حسبك أيها الفتى! لقد عرفت غرورك وبطرك وعنادك، ولكنك لن تعرف الجد حتى ترى الرءوس تطيح عن أعناقها. سوف تعرف الجد متى علمت مصير أصحابك وأعوانك ومن تسميهم قومك.
Неизвестная страница