С людьми
مع الناس
Издатель
دار المنارة للنشر والتوزيع
Номер издания
الثامنة
Год публикации
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Место издания
جدة - المملكة العربية السعودية
Жанры
فوق فمه شاربين لا شرقيين ولا غربيين، يمتدان فوق الشفتين كأنهما حاجبا فتاة، ثم ينزلان على جانبي الفم كذنَب الفأر، وقد منحه الله أكبر قسط من الغِلاظة (بكسر الغين) (١) والعياذ بالله ... أما الآخر فقد حَفَّ جانبَي رأسه وعند صدغيه كأن قد لحستهما قطة وهو نائم، وأطال شعره من فوق ... على طريقة العم سام.
وقعدا. وخرجت أسأل في الدار مَن أدخل عليّ هذا البلاء، فإذا هي ابنتي الصغيرة سمعت قرع الباب ففتحته، ورأت الضيوف فأدركتها نوبة مبكرة من حُمّى الكرم الشرقي الذي لا يرد ضيفًا أبدًا، فأدخلتهما وأشارت بأصبعها الصغيرة إلى غرفتي، فهبطا عليّ كموت الفجأة!
وسلّما فرددت ردًا ضعيفًا فاترًا، وسألتهما بشيء من الجفاء عن الخدمة التي أستطيع أن أؤديها لهما. وهذا معناه في البلاغة الجديدة: "انصرفا فلست مستعدًا لأن أؤدي لكما خدمة". فانطلق الغليظ ذو الشعر المنفوش وأخذ يتكلم متحذلقًا متفيهقًا متفاصحًا بصوت يخرج نصفه من أنفه ونصفه من بطنه، والباقي (إن كان بقي شيء) يبلع بعضه ويجترّ بعضًا ... وجعل يدور ويقدم المقدمات من قبل الطوفان، وأنا أتصبّر وأكاد أنشقُّ من الغيظ وأحس أن كل عصب من أعصابي يُسحب كوتر العود ثم يُطلَق ...
(١) هذه الكلمة من عامية أهل الشام، لكنهم يلفظونها بفتح الغين. وقد كان من عادة الشيخ أن يشير إلى مثلها في حواشي كتبه على أنها من العامي الفصيح، لكنه اكتفى هنا بضبطها بين قوسين في متن النص. في المعجم: "رجل فيه غِلاظَة: فيه شدة وقسوة" (مجاهد).
1 / 86