49

Почему мы молимся - Введение

لماذا نصلي - المقدم

Жанры

اشتراك الكائنات في التعبد لله بالصلاة إن الصلاة هي القاسم المشترك بين عبودية الكائنات، فإن الله ﷾ قال: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [النور:٤١] فكل من هؤلاء المذكورين قد علم صلاته وتسبيحه التي علمه الله ﷿ إياها. يقول الزمخشري: ولا يبعد أن يلهم الله الطير دعاءه وتسبيحه، كما ألهمها سائر العلوم الدقيقة التي لا يكاد العقلاء يهتدون إليها. فكل الكائنات هداها الله ﷾ كما قال الله ﷿: ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى:٢ - ٣]، وقال سبحانه: ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه:٥٠] ونحن نلاحظ أن الله ﷾ هدى هذه الكائنات إلى ما يصلحها ويفيدها، وأمدها بأنواع من العلوم التي تنبهر العقول البشرية إزاءها بلا شك، وهذا معروف الآن في العلوم والاكتشافات الحديثة، ففيها ما يبهر العقول ويذهل النفوس من عجائب خلق الله ﷾، كما نرى في النحل والنمل وفي كل ما خلق الله ﷾، نلاحظ كيف أن الله ألهم هذه المخلوقات من العلوم ما تنبهر به العقول، فهل يبعد عند العاقل أن الذي ألهمها كل هذه العلوم لا يلهمها كيف تسبحه وكيف تذكره ﵎؟! فالموج يسبح، والطيور تسبح، والأسماك تسبح، وكل ما خلق الله يسبح كما قال الله ﷿: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:٤٤]. نحن الآن نناقش أن الصلاة عبودية جميع الكائنات، بل هي قاسم مشترك بين عبودية جميع الكائنات، فكل الكائنات تصلي وتسبح الله ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ [النور:٤١] وكذلك الجن باعتبارهم أحد الثقلين مكلفون قطعًا بالصلاة كالآدميين؛ لأنهم داخلون في قول الله ﷿: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: الجن مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم، فإنهم ليسوا مماثلين للإنس في الحد والحقيقة، فلا يكون ما أمروا به وما نهوا عنه مساويًا ما على الإنس في الحد، لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم. يعني: هم يشتركون معنا في جنس التكليف، أما كيفيته فالله أعلم بهذه الكيفية. كذلك أيضًا الملائكة يصلون؛ لأن الله ﷿ قال في حقهم: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ﴾ [فصلت:٣٨]، وقال أيضًا حاكيًا عن الملائكة أنهم قالوا: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ﴾ [الصافات:١٦٥] يعني: في صلاتهم. والشريعة الغراء ندبتنا إلى النظر إلى من هو فوقنا في العبادة وفي الدين، ولا ننظر إلى من هو أعلى منا في الدنيا؛ كي نقتدي به، فقد ثبت عنه ﷺ أنه قال: (انظروا إلى من هو أسفل منكم في الدنيا، وفوقكم في الدين) وقال ﷿: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [الأعراف:٢٠٥]، وبعدما أمر الله ﷿ بالذكر الدائم وفي كل الأحوال ذكر ما يقوي دواعي الذكر، وما ينهض الهمم إليه بمدح الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار ولا يفترون، فقال بعدها مباشرة ﵎: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأعراف:٢٠٦] والمقصود أنه ينبغي لكم الاقتداء بهم فيما ذكر عنهم؛ لأنه إذا كان هذا حال الملائكة في عبادة الله وهم في أعلى مقامات القرب والعصمة، فكيف ينبغي أن يكون غيرهم؟! وقال ﵌ لأصحابه: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها) ثم ذكر كيفية الاصطفاف فقال: (يتمون الصف الأول فالأول، ويتراصون في الصف) رواه البخاري. أيضًا مما فضلت عليه هذه الأمة المحمدية على من عداها من الأمم قوله ﵊ -كما في صحيح مسلم:- (جعلت صفوفنا في الصلاة كصفوف الملائكة). وعن حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه قال: (بينما رسول الله ﷺ في أصحابه إذ قال لهم: أتسمعون ما أسمع؟ قالوا: ما نسمع من شيء، قال: إني لأسمع أطيط السماء، وما تلام أن تئط -وهذا الأطيط من شدة الثقل الذي تحمله- وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم) فهذا يدل على أن الملائكة أيضًا يصلون كما يصلي البشر. وقال ﵌: (إني لأرى ما لاترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدًا). وفي حديث الإسراء قال ﵌: (فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل فقال: هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم) رواه البخاري. سبعون ألف ملك يوميًا يصلون في البيت المعمور في السماء، ثم لا يعودون إليه أبدًا! وقال ﷺ: (نزل علي جبريل فأمني، فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، يحسب بأصابعه خمس صلوات) رواه البخاري. كذلك الملائكة يشاركون المؤمنين في الصلاة، فقد قال ﷺ: (إذا أمن الإمام فأمنوا، فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري. وكذا يحضرون مع المؤمنين صلاة الجمعة، فقد قال ﷺ: (إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاءوا يستمعون الذكر) رواه البخاري.

3 / 22