وقوله: لا يقومون يعني: يوم القيامة من قبورهم، ﴿إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ﴾ [البقرة: ٢٧٥] التخبط معناه: الضرب على غير استواء، ويقال للذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه: يخبط خبط عشواء.
ومنه قول زهير:
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم
وتخبطه الشيطان: إذا مسه بخبل أو جنون، يقال: به خبطة من جنون.
وقوله: من المس المس: الجنون، يقال: مس الرجل فهو ممسوس وبه مس وألس.
وأصله من المس باليد، كأن الشيطان يمس الإنسان فيجنه، ثم سمي الجنون مسا، كما أن الشيطان يتخبطه برجله فيخبله، فسمي الجنون خبطة.
قال قتادة: إن آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا، وذلك علم لأكله الربا يعرفهم به أهل الوقف.
وقوله ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] أي: ذلك الذي نزل بهم بقولهم هذا واستحلالهم إياه، وذلك أن المشركين قالوا: الزيادة على رأس المال بعد محل الدين كالزيادة بالربع في أول البيع.
وكان أحدهم إذا حل له مال على إنسان قال لغريمه: زدني في المال حتى أزيدك في الأجل.
فكذبهم الله ﷿ فقال: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٥] أي: وعظ، قال السدي: يعني القرآن.
فانتهى عن أكل الربا، ﴿فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ [البقرة: ٢٧٥] أي: ما أكل من الربا، ليس عليه رده.
ومعنى سلف: تقدم ومضى، والسلوف: التقدم.