وقوله: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أي: لأولادكم، وحذفت اللام اكتفاء بدلالة الاسترضاع، لأنه لا يكون إلا للأولاد، والمعنى: وإن أردتم أن تسترضعوا لأولادكم مراضع غير الوالدة، ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فلا إثم عليكم، ﴿إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] قال مجاهد والسدي: إذا سلمتم إلى الأم أجرتها بمقدار ما أرضعت.
وقرأ ابن كثير ما أتيتم بقصر الألف، ومعناه: ما فعلتم، يقال: أتيت جميلا.
أي: فعلته، قال زهير:
وما يك من خير أتوه فإنما ... توارثه آباء آبائهم قبل
يعني: فعلوه وقصدوه.
ويكون التسليم على هذه القراءة بمعنى الطاعة والانقياد، لا بمعنى تسليم الأجرة، والمعنى: إذا سلمتم للاسترضاع عن تراض واتفاق.
وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء، قال: إذا سلمت أمه ورضي أبوه، لعل له غنى يشتري له مرضعا.
ثم أوصى بالتقوى فقال: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٣] أي: فلا يترك جزاء شيء من أعمالكم، لأنه بصير بها.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٤] أي: يموتون ويقبضون، ومعنى التوفي: أخذ الشيء وافيا، يقال: توفى الشيء واستوفاه.
﴿وَيَذَرُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٤] يتركون، ولا يستعمل منه الماضي ولا المصدر ومثله، أيضا، يدع في رفض مصدره وماضيه.
وقوله: أزواجا أي: نساء، ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٤] أي: ينتظرن ويحبسن أنفسهن عن التزوج، ﴿أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] ومعنى الآية: بيان عدة المتوفى عنها زوجها، وأنها تعتد من حين وفاة الزوج أربعة أشهر وعشرا، وذكرت العشر بلفظ التأنيث، والمراد بها: الأيام، تغليبا لليالي على الأيام، وذلك أن ابتداء الشهر يكون بالليل،