وفي خلال الأشهر الثمانية التي جاس فيها خلال البلاد عمل على تخريبها حتى لم يبق فيها سوى بعض أطلال من المدن التي كانت قائمة فيها. أضف إلى ذلك أن ملك فاس، الذي بلغه نبأ قصد أهل تامسنه عبور أبي الرقراق زاحفين باتجاه فاس، عقد هدنة مع قبائل زناتة واتجه نحو النهر المذكور على رأس جيش لجب. وهناك واجه ملك تامسنه البائس الذي كانت قواته منهوكة القوى تماما بسبب الجوع والبؤس. ولما حاول ملك تامسنة عبور النهر وجد الممر مسدودا في وجهه بتأثير قوات ملك فاس. وهكذا اضطر هؤلاء البؤساء بعد أن أصبحوا مطاردين ويئسوا من قضيتهم إلى التشتت في الغابات وبين الصخور التي يعسر اجتيازها. وبعد أن طوقوا وحوصروا من قبل الجيوش الملكية، أبيدوا بثلاث طرائق: فبعضهم غرقوا فعلا في مياه النهر، وبعضهم الآخر طوردوا في مناطق الجروف الصخرية فدقت أعناقهم بعد سقوطهم في القراغ، وحتى الذين استطاعوا أن يخرجوا من الماء سقطوا في أيدي رجال الملك حيث قطعت رءوسهم بالسيف. وهكذا راح سكان تامسنه يتناقصون ثم أبيدوا قاطبة في مدة عشرة أشهر. ويقدر أن عدد الضحايا بلغ المليون بين رجال ونساء وأطفال. وعاد يوسف ملك لمتونة إلى مراكش كي يعيد تنظيم جيشه ضد ملك فاس وترك تامسنه مأوى للأسود والذئاب والبوم (10).
وظل إقليم تامسنه مهجورا مدة مائة وثمانين عاما حتى الزمن الذي عاد فيه المنصور من مملكة تونس (11) وكان متبوعا ببعض أفخاذ قبائل عربية مع شيوخهم ومنحهم تامسنة مقرا
Страница 201