267- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن القاسم بن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم } ثم قال عليه السلام : ((والذي نفسي بيده ما منكم من بشر تفارق روحه جسده حتى يرى أي المنزلتين يصير، وأنه إذا نزل به الموت صف له سماطان من الملائكة يملأون ما بين الأفقين كأن وجوههم الشمس، فتخطف بصره إليهم، فلا يرى غيرهم، وإن كنتم تظنون أنه ينظر إليكم مع كل ملك منهم كفن وحنوط، فإن كان من أهل الحق والثبات في دينه، بشروه بالجنة، وقالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة إلى رضوان الله إلى ما أعد الله لك من الكرامة، اخرجي من هذا المأوى الذم الذي أنت فيه، فقد أعد الله لك من/ الكرامة ما هو خير لك من الدنيا وما فيها، فقال النبي عليه السلام : ((فلا يزالون يبشرونه ويعزونه، ويسلونها من بين ظفر ظفر، وعضو عضو، ويموت الأول، فالأول، من أعضاء جسده، ويهون عليه وإن كنتم ترون أنه يشدد عليه حتى يرفعونها في صدره، فيضيق بها، ثم يبشرونه، ويعدونه، ويسلونها شيئا فشيئا حتى يبلغوا بها ذقنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلهي أشد خروجا من الولد حين يخرج من الرحم، فيبتدرونها كلهم، فيتولى قبضها ملك الموت صلى الله عليه وسلم الذي وكل بها، وقرأ هذه الآية: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون} فيتلقاها بأكفان بيض، فيلفها فيها، ثم يحتضنها فوالذي نفسي بيده لهو أشد لزوما لها، ورفقا بها من البكر بواحدها، ويفوح لها فيهم ريح أطيب من المسك فيستنشقون ريحها، ويتباشرون بها، ويقولون رآها لهذا الروح الطيبة، والنفس الطيبة؛ اللهم صل على روحه وصل على جسد خرج منها، ثم يدفعها إلى ملائكة الرحمة، ونزع بهذه/ الآية: {توفته رسلنا وهم لا يفرطون} يعني يتوفاها من ملك الموت حين يقبضونها منه، فيصعدون بها إلى السماء، ولله خلق في الهوى لا يعلمهم إلا هو، فيفوح لها فيهم ريح أطيب من المسك فيكم، فيصلون عليها ما بين السماء والأرض، ويفتح لها أبواب السماء كلها ما منها باب إلا وهو يحب أن تدخل منه، ويصلون عليها حتى توقف بين يدي الجبار تبارك وتعالى فيقول لها: مرحبا بالنفس الطيبة، وبجسد خرجت منه، وإذا قال الجبار لشيء: مرحبا رحب به كل شيء من شأنه، وذهب عنه الضيق، ثم يقول: اذهبوا بهذه النفس، فأروها مقعدها من الجنة، وما أعددت لها من النعيم، والكرامة، ثم اهبطوا بها الأرض فإني قضيت أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتقول: أين تذهبون بي إلى ذلك الجسد الذي كنت فيه، فيقولون: إنا مأمورون بهذا ولا بد منه، فيهبطون بها قدر ما فرغ من غسل الجسد وتكفينه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي بعثني بالحق إنهم ليدخلون بين الجسد، وأكفانه فما خلق الله/ كلمة يتكلم بها حبيب، ولا بغيض إلا وهو يسمعها إلا أنه لا يؤذن له بالمراجعة، فلو سمع أشد الناس له بغضا في الدنيا، يقول: اعجلوا به، ثم أذن له بالرجوع ليشكر له، وإن كان أشد الناس له بغضا حتى يؤتى به حفرته، فيوضع، فإذا فرغ منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والذي بعثني بالحق إنه ليسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم من التراب إذا ولوا عنه، ثم يأتيه فتانا القبر منكر ونكير، ملكان أسودان أزرقان بطنان في شعورهما، وينحتان الأرض بأنيابهما معهما أرازب الحديد، والمقامع، والأغلال، والسلاسل، فيقولون له: اقعد بإذن الله، فإذا هو مستو جالس فيرى خلقا فظيعا كريها ينسيه ما أتاه عند الموت، فينتهرانه ويقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان: وما علمك؟ فيقول: جاءنا من عنده نبي وكتاب، فآمنا وصدقنا، واتبعنا الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقولان له: فمن نبيك هذا الذي تذكر؟ فيقول محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقولان: فما دينك؟ فيقول: الإسلام، فيرددان/ المسألة ثلاث مرات، فيثبته الله، ونزع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية: {يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} يعني في القبر، فيسمع نداء خفيفا من الهواء صدق عبدي، فلينفعه الصدق، فيقولان له: انعم بما حباك الله قرير العين، ويفسح له في قبره، ويفتح له باب إلى الجنة يرى مقعده منها، وما أعد الله له فيها، وتهب له منها أرواح الجنة، ويصير إلى عليين)).
Страница 94