ثم المراد بالأول: المتقدم ذكرا بالوصية به، بحيث يكون الوصية به قبل الوصية بغيره، فمثل قوله: فلان وفلان وفلان لكل منهم كذا، أو: فلان وفلان وفلان يعتقون بعد موتي، ليس من الوصية المترتبة، بل الحكم فيه توزيع النقص على الجميع، لأن الكل بمنزلة وصية واحدة.
وليس ما نحن فيه من قبيل تعدد الأسباب التامة على مسبب واحد حتى يقال: إن مقتضى القاعدة - بعد عدم جريان القرعة - طرحهما، مع أنه يمكن دعوى أن الجمع بينهما بإعمال كل منهما في بعض المسبب أولى من الطرح، نظير المعرفات كالبينتين المتعارضتين في التقويم، وكالأدلة الشرعية.
نعم، لو فرض صدور وصية من الموصي بشئ خاص لزيد، وقارنها وصية أخرى من وكيله بذلك الشئ لشخص آخر، كان من باب تزاحم السببين، وجرى فيه الكلام في أن مقتضى القاعدة طرحهما أو التنصيف، ولعل الأول هو الأقوى.
(ولو أوصى لشخص بثلث) مشاع من ماله، (ولآخر بربع) منه كذلك، (ولآخر بسدس) فإن أجاز الورثة فلا إشكال، (و) إن (لم يجز الورثة أعطي الأول) لسلامته عن المزاحم، (وبطلت الوصية لمن عداه).
قيل: وكذا لو أوصى للأول بجميع المال، وللآخر بثلثه، وللآخر بنصفه (1). وفيه تأمل، فإن الظاهر أنه رجوع، فيعطى الأول - مع إجازة الورثة للجميع - السدس، والثاني الثلث، والثالث النصف.
وبالجملة لا منافاة بين إلغاء الوصية من جهة عدم إمضاء الورثة، وبين دلالتها على الرجوع عن الوصية الأولى.
Страница 75