Наследники забытых королевств: гибнущие религии Ближнего Востока
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
Жанры
عندما كنت في الموصل من قبل، بصفتي مراقبا للانتخابات، كنت في سيارة مصفحة بالكامل، لدرجة أن المنظر الوحيد للخارج كان على شاشات فيديو. ومع ذلك، يبدو أننا كنا على وشك أن نتعرض لانفجار قنبلة على جانب الطريق. قال قائد القاعدة لمجموعتنا الصغيرة عندما وصلنا إلى موقعه على حافة المدينة: «لم أكن أتوقع رؤيتكم. لقد تلقيت تقريرا بإصابة إحدى عرباتنا، وظننت أنها عربتكم.» في اليوم التالي في المدينة قابلنا أهلها بنظرات باردة وهادئة. لا، لم تكن لدي رغبة في العودة إلى الموصل. ومع ذلك، يبدو أن الحافلة القادمة من إسطنبول كانت متجهة إلى هناك؛ من المؤكد أنها كانت تترنح الآن على الطريق تحت لافتات تعود إلى عهد صدام مكتوب عليها «الموصل»، مرورا بحقول محصودة وقمم تلال جرداء.
كان بوسعي الآن أن أرى - بعد فوات الأوان - مدى أهمية الجغرافيا لسلامتي. كنت قد ركبت هذه الحافلة دون تفكير ولم أبذل أي جهد في التخطيط، باستثناء شراء خريطة لشمال العراق. كان من المفترض أن تكون أفضل المتاح، لكنها لم تعطني سوى ما يكفي من المعلومات لإثارة قلقي. كانت وجهتي هي أربيل، العاصمة الكردية. وعلى الخريطة، مر الخط الأحمر السميك للطريق الرئيسي المؤدي إلى أربيل عبر الموصل. تسارعت دقات قلبي، وأمسكت بإطار النافذة. حاولت أن أسأل الركاب المرافقين لي عما إذا كان هذا هو الطريق الذي سنسلكه، لكنهم كانوا تجارا أكرادا وأتراكا، ولم يكن بوسعهم فهم لغتي العربية أو الفارسية.
بدأت أنظر من النافذة بقلق، راغبا في أن تنعطف الحافلة إلى طريق جانبي، لإيجاد طريق مختصر عبر الحقول. خلعت نظارتي وكنت أتساءل كيف يمكنني أن أغير قميصي، أو أنحني بعيدا عن الأنظار، أو أخفي جواز سفري البريطاني، عندما - فيما شعرت أنه اللحظة الأخيرة - انعطفت الحافلة أخيرا إلى اليسار، تاركة الطريق السريع الرئيسي ومتجهة نحو طريق ضيق، أقيم حديثا، وليس على خريطتي. بدا أن الأكراد كانوا حريصين على تجنب الموصل مثلي، وكانوا قد بنوا شبكة من الطرق الجديدة للالتفاف من حولها. في الواقع، كما أدركت لاحقا، لم تغير سنوات القتال شكل الطرق فحسب، بل غيرت طبيعة المنطقة.
وبينما كانت الحافلة تسرع على هذا الطريق المختصر الجديد، مشاركة الطريق مع سائقين متهورين وسيارة واحدة محطمة على الأقل، تلقيت درسا آخر في جغرافية الخطر. اتضح أنه كان يوجد رجل واحد على متن الحافلة يتحدث العربية بما يكفي لأن يفهمني. كان يدعى الحاج عباس ويعيش في مدينة كركوك خارج حدود كردستان. علمت منه أن استفتاء سيقرر ما إذا كانت مدينته، إلى جانب منطقة كاملة من الأراضي المتاخمة لكردستان - «الأراضي المتنازع عليها»، التي تشمل أيضا سنجار، مسقط رأس ميرزا - ستديرها الحكومة الإقليمية الكردية في أربيل أو الحكومة المركزية العراقية في بغداد. وفي غضون ذلك، كانت كركوك قد أصبحت مدينة هادئة، شبه مهجورة تعاني من العنف الديني والعرقي. كانت كلمات عباس لي عند توديعي: «لا تنس تركمان العراق»، افترضت أنه لا بد أن يكون واحدا منهم، من سلالة الجيوش الغازية من سهول آسيا الوسطى التي حافظت على لغتها التركية على مر القرون، وأصبحت الآن مجتمعا عراقيا متمايزا. سمعت المزيد من المناشدات في الأيام القليلة التالية من جماعات مستضعفة أخرى؛ مثل الشبك، وهم مسلمون يمارسون طقس شرب الخمر والاعتراف بخطاياهم، والآشوريين، وهم آخر من تبقى من كنيسة المشرق، وهي طائفة مسيحية كانت يوما ما تصل إلى الصين، والكاكائيين، وهي جماعة مثل الإيزيديين ولكنها ترفض نظام الطبقات الإيزيدية، وبدلا من اتباع الشيخ عدي، اتبعوا السلطان إسحاق. كانت «الأراضي المتنازع عليها» موطنا لمعظم الأقليات المحاصرة في العراق، التي كانت كلها متوترة بشأن ما قد يحدث بعد ذلك. •••
أنزلتني الحافلة في أربيل، عاصمة كردستان، عند مركز تسوق مليء بالسلع الإلكترونية. شربت كابتشينو سيئا، راضيا بفرصة البقاء بعيدا عن أشعة الشمس الحارقة بينما أفكر في خطوتي التالية. كانت أربيل قد توسعت سريعا في بضع سنوات فقط، وأينما نظرت كنت أجد مشاريع سكنية وطرقا جديدة. كان أحد أصدقائي يقيم في المدينة، وعندما اتصلت به عبر الهاتف، ساعدني في العثور على سائق اسمه طه، وهو مقاتل سابق فظ في الميليشيات الكردية، أبقى سيارته في حالة جيدة؛ حيث كان الغلاف البلاستيكي المتجعد لا يزال على مقاعدها. وبلغة عربية متلعثمة أخبرني أنه لم يزر بغداد قط. فقد مكث داخل كردستان. أسعده، مع ذلك، أن يأخذني إلى لالش وبعض الأماكن الأخرى التي يعيش فيها الإيزيديون؛ ولكن ليس إلى سنجار، التي تقع خارج كردستان والتي قال إنها أقل أمانا.
لالش هي المكان الذي دفن فيه أحد مؤسسي الديانة الإيزيدية. اسمه الشيخ عدي بن مسافر، وهو واعظ صوفي؛ يحتفي الإيزيديون كثيرا بقداسته وزهده. وغالبا ما ينظر إليه باعتباره مصلح العقيدة الإيزيدية، التي أسستها شخصية غامضة تدعى سلطان يزيد. أخبرني ميرزا أن «يزيد» كان مجرد اسم آخر لله. وحسب أحد النصوص الأكثر إثارة للجدل أن يزيد هو الخليفة يزيد، أحد أوائل الحكام المسلمين السنة وشخصية يحتقرها الشيعة. ويعاني الإيزيديون الأمرين في العراق الذي يسيطر عليه الشيعة لإنكار هذه الرواية.
ثمة قدر أقل من الجدل حول عدي بن مسافر، الشخصية التاريخية التي تظهر في المصادر غير الإيزيدية. ولد نحو عام 1075، من نسل الخلفاء الأمويين، حكام الإسلام سابقا. وكان مسقط رأسه بالقرب من بعلبك في سهل البقاع في لبنان؛ حيث ربما كان الحرانيون في ذلك الوقت لا يزالون يملكون بؤرة استيطانية. لذلك ربما كان بالفعل على دراية بسيطة بعادات مثل تلك العادات الخاصة بالإيزيديين عندما انطلق من تلك القرية النائية في رحلة امتدت مئات الأميال لدراسة الصوفية في بغداد. بعد ذلك، بدلا من البقاء في عاصمة الإمبراطورية والتمتع بحياة العلماء المريحة، ذهب بوصفه مبشرا إلى المناطق الكردية، التي كانت في ذلك الوقت جامحة، وخطيرة، ومقاومة للإسلام. وأسس جماعة من الصوفيين (مبشرين متصوفين منكرين للذات كانوا يشبهون الرهبان المتجولين الأوروبيين في العصور الوسطى، وربما كانوا مصدر الإلهام لهم، وكانوا يرتدون الصوف) تسمى العدوية. وغالبا ما منح المبشرون الصوفيون، الذين اهتدى الناس على أيديهم على تخوم الإسلام، أنفسهم مرونة قبول جوانب المعتقدات القديمة لمن اهتدوا على أيديهم، وأحيانا كانوا يضيفون لها أسماء إسلامية ويعيدون تشكيلها حتى يمكن أن تتوافق مع الشعائر الإسلامية. وكان القصد من ذلك أن يرى المعتنقون الجدد أنفسهم مسلمين في نهاية المطاف. ولكن في بعض الأحيان، لم تترسخ التعاليم الجديدة، وانتهجت بعض جوانب الإسلام، لكنها كانت جوانب سطحية، ولم يكن من زعموا الاهتداء يعتبرون في قرارة أنفسهم أنهم مسلمون، وإنما كانوا يتذكرون هويتهم القديمة. وربما حدثت بعض هذه الأمور لأتباع عدي، الذين تخلوا في النهاية عن أي تظاهر بأنهم مسلمون بالمرة.
كانت لدى عدي ذاته، من وجهة نظر معاصريه المسلمين، وجهات نظر غريبة إلى حد ما. ومن المؤكد أن القصيدة التي نسبها إليه الإيزيديون في القرن التاسع عشر تبدو غير تقليدية. فهي تستهل على نحو محمود كما يلي: «حكمتي تعرف حقيقة الأشياء؛ فالشر لم يصاحبني.» لكن القصيدة تستمر في تقديم ادعاءات أعظم: «كل الخلق تحت سيطرتي ... وكل مخلوق خاضع لي. أنا من يرشد البشرية إلى عبادة جلالتي ... وأنا من ينتشر في السموات العلا.» ويبدو أن بعض الإيزيديين أيضا يعتبرون أنه يتمتع بمكانة إلهية. فقد قال الخادم في ضريح لالش لبيرسي بادجر، أحد المبشرين البريطانيين في القرن التاسع عشر: «من هو خالق الخير؟ الله أم الشيخ عدي؟».
ومع ذلك فإن الشيخ عدي ليس الشخصية التي سيذكرها معظم الإيزيديين عندما يسألون عن ماهية دينهم. كما أن صورته ليست هي الصورة المعلقة على جدرانهم. لقد كان مجرد التجسيد الدنيوي للملك الطاووس، الحاكم الحقيقي لهذا العالم، القائم مقام الله في الكون المعلوم، وأقرب تمثيل إلى الله يمكن لعقولنا البشرية المحدودة استيعابه. وبما أن وجهة نظر الإيزيديين تجاه الله مجردة جدا - فهم يقولون إنه لا يمكن قول أي شيء عن الله بأي قدر من اليقين باستثناء أنه موجود - فإن الملك الطاووس هو محور تركيز ديانتهم. وفي القرون السابقة، حملت سبع تماثيل برونزية للملك الطاووس (تسمى سناجق) بشكل احتفالي حول القرى الإيزيدية ليقدسها الناس. ووصف المبشر بادجر «السنجق» على النحو التالي: «التمثال على هيئة طائر، أكثر شبها بالديك من أي طائر آخر ... مثبت على قمة شمعدان، حوله مصباحان، موضوع أحدهما فوق الآخر، ويحتوي كل منهما على سبع شعلات، والجزء العلوي أكبر إلى حد ما من السفلي.» فقد خمسة من السناجق؛ وبقي اثنان. يؤمن الإيزيديون أيضا أن الملك الطاووس يتنزل إلى الأرض كل عام في يوم يسمى جارشما سور «الأربعاء الأحمر»، لبدء العام الجديد. ويتميز هذا العيد بتلوين البيض، تماما مثل عيد الفصح المسيحي. ويعتبر الإيزيديون أن البيضة ترمز إلى خلق العالم، الذي كان في أسطورة الخلق الخاصة بهم يوما ما سائلا وأصبح صلبا (مثل البيضة المطبوخة)، وكان عديم اللون حتى وضع الملك الطاووس ريشه الملون عليه، وأضفى لونه الأزرق والأخضر على بحاره وغاباته.
والأمر الأكثر إثارة للجدل، أن الإيزيديين يطلقون على الملك الطاووس اسم عزازيل أو إبليس، وكلاهما في التراث الإسلامي (وأيضا اليهودي والمسيحي) اسمان لأعظم الملائكة، الذي تمرد على الله وألقي به في الجحيم - أي باختصار، الشيطان. وللطاووس روابط مماثلة. فالدروز في لبنان يعتقدون أن الطاووس، وليس الأفعى، هو من أغوى آدم في جنة عدن. ويعتقد بعض الزرادشتيين في إيران أن الطاووس هو الشيء الجيد الوحيد الذي صنعه الشيطان، كوسيلة لإثبات أن لديه القدرة على فعل الخير إذا اختار ذلك.
Неизвестная страница