Warathat al-Anbiya (The Inheritors of the Prophets)
ورثة الأنبياء
Издатель
دار القاسم
Жанры
حيني هذا ممتحن ومحبوس في داري، فقال بقي: يا أبا عبد الله! أنا رجل غريب لا يعرفني أحد من أهل بغداد، فإن أذنت لي أن آتيك كل يوم في زي السؤال، فأطرق الباب وأسال الصدقة، فتخرج إلي فتحدثني ولو بحديث واحد كل يوم، فقال أحمد: نعم بشرط ألا تظهر في الحلق وعند أصحاب الحديث، قال بقي: فكنت آخذ عودًا بيدي وألف رأسي بخرقة، وأجعل ورقي ومحبرتي في كمي، ثم آتي باب الدار فأصيح: الأجر رحمكم الله، فيخرج إلي أحمد، ويغلق باب الدار، ويحدثني بالحديثين والثلاثة حتى اجتمع لي نحو ثلاثمائة حديث، ثم إن الله رفع المحنة عن الإمام أحمد وسمح له بعقد الدروس والحلقات، فكنت إذا جئته وهو في حلقته أفسح لي المكان وأجلسني بجواره، وقال لتلاميذه: هذا يصدق عليه اسم طالب العلم، ثم يقص عليهم قصتي معه، ثم مرة مرضت فأتاني أحمد يعودني ومعه أصحابه ومعهم أقلامهم يكتبون كلام شيخهم (١).
وقال الإمام أحمد: بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدًا ما كان كثيرًا (٢).
وقال أبو حامد الإسفراييني: لو رحل رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب «التفسير» لمحمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرًا (٣).
وتفسير ابن كثير الآن بين أيدينا فكم من المسلمين من يقرأه؟ !
_________
(١) السير ١٣/ ٢٩٢.
(٢) فتح الباري ٨/ ٤٣٨.
(٣) طبقات الفقهاء لابن الصلاح ١/ ١٠٩.
1 / 64