المقدمة
لا إله إلا الله عدة للقاء الله ﷿ رب بك أستعين
أخبرنا الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي الصاعدي في كتابه إلينا من نيسابور قال:
أخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي ﵁ قال: الحمد لله الكريم بآلائه العظيم بكبريائه القادر فلا يمانع والقاهر فلا ينازع والعزيز فلا يضام والمنيع فلا يرام والمليك الذي له الأقضية والأحكام وصلواته على المبعوث بشيرا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا محمد النبي خير الورى وعلى آله وأصحابه مصابيح الهدى ما انبلج الليل عن الصباح ونادى المنادي بحي على الفلاح وسلم كثيرا
أما بعد فإن لكل زمان نشوا ولكل نشو علما يتعاطونه على قدر هممهم وأفهامهم ومددهم في العمر وأيامهم وفيما سلف من الأيام وخلا من الشهور والأعوام كانت الهمم إلى العلوم مصروفة والرغبات عليها موقوفة يتوفر عليها طلاب المراتب في الدنيا والراغبون في مثوبة العقبى ثم لم تزل على مر الليالي تنخفض الهمم وتتراجع حتى عاد وابلها قطرة ولم نشاهد مما كانت عليه ذرة ذلك قضاء الله مبرم ووعد من الرسول ﷺ محكم بانتزاع العلم وقبضه فيما أخبرناه الأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ محمش الزيادي ﵁ قراءة عليه في شهور سنة تسع وأربع مائة قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ المعروف بابن الأخرم قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا جعفر بن عون عن هشام ابن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو وأن النبي ﷺ قال: [إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء كلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا]
صدق رسول الله ﷺ فقد قبضت الفحول وهلكت الوعول وانقرض زمان العلم وخمدت جمرته وهزمته كرة الجهل وعلت دولته ولم يبق إلا صبابة نتجرعها وأطمار نجتابها ونتدرعها وعليها من حال فإني كنت قد ابتدأت بابداع كتاب في التفسير لم أسبق إلى مثله وطال علي الأمر في ذلك لشرائط تقلدتها ومواجب من حق النصيحة لكتاب الله تعالى تحملتها ثم استعجلني قبل إتمامه والتقصي عما لزمني من عهدة أحكامه نفر متقاصرو الرغبات منخفضو الدرجات أولو البضائع المزجاة إلى إيجاز كتاب في التفسير يقرب على من تناوله ويسهل على من تأمله من أوجز ما عمل في بابه وأعظمه فائدة على متحفظيه وأصحابه
وهذا كتاب أنا فيه نازل إلى درجة أهل زماننا تعجيلا لمنفعتهم وتحصيلا للمثوبة في إفادتهم ما تمنوه طويلا فلم يغني عنهم أحد فتيلا وتارك ما سوى قول واحد معتمد لابن عباس ﵀ أو من هو في مثل درجته كما يترجم عن اللفظ العويص بأسهل منه وهذا حين أفتتحه فأقول: [قوله تعالى من]
1 / 85
﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ أَيْ: ابدؤوا أوِ افتتحوا بتسمية الله تيمُّنًا وتبرُّكًا و﴿الله﴾: اسمٌ تفرَّد الباري به سبحانه يجري فِي وصفه مجرى أسماء الأعلام لا يُعرف له اشتقاق وقيل: معناه: ذو العبادة التي بها يُقصد ﴿الرَّحمن الرَّحيم﴾: صفتان لله تعالى معناهما: ذو الرَّحمة أَي: الرَّحمة لازمةٌ له وهي إرادة الخير ولا فرق بينهما مثل: ندمانٍ ونديم
﴿الحمدُ لله﴾ هو الثَّناء لله والشُّكرُ له بإنعامه ﴿ربِّ العالمين﴾: مالك المخلوقات كلها
قوله تعالى ﴿الرحمن الرحيم﴾
﴿مالك يوم الدِّين﴾ مأخوذٌ من المِلْك والمِلْك مأخوذٌ من المُلْك أَيْ: قاضي يوم الجزاء والحساب لأنَّه متفرِّدٌ في ذلك اليوم بالحكم
﴿الحمدُ لله﴾ هو الثَّناء لله والشُّكرُ له بإنعامه ﴿ربِّ العالمين﴾: مالك المخلوقات كلها
قوله تعالى ﴿الرحمن الرحيم﴾
﴿مالك يوم الدِّين﴾ مأخوذٌ من المِلْك والمِلْك مأخوذٌ من المُلْك أَيْ: قاضي يوم الجزاء والحساب لأنَّه متفرِّدٌ في ذلك اليوم بالحكم
1 / 88
﴿إيَّاك نعبدُ﴾ أَيْ: نخصُّك ونقصدك بالعبادة وهي الطَّاعة مع الخضوع ﴿وإيَّاك نستعين﴾: ومنك نطلب المعونة
﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ أَيْ: دُلَّنا عليه واسلكْ بنا فيه وثبِّتنا عليه
﴿صراط الذين أنعمتَ عليهم﴾ بالهداية وهم قومُ موسى وعيسى ﵉ قبل أن يُغيِّروا نعمَ الله ﷿ وقيل: هم الذين ذكرهم الله ﷿ في قوله تعالى ﴿فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم﴾ الآية ﴿غير المغضوب عليهم﴾ أَيْ: غير الذين غضبتَ عليهم وهم اليهود ومعنى الغضب من الله تعالى: إرادةُ العقوبة ﴿ولا الضَّالين﴾ أَيْ: ولا الذين ضلُّوا وهم النَّصارى فكأنَّ المسلمين سألوا الله تعالى أن يهديهم طريق الذين أنعم عليهم ولم يغضب عليهم كما غضب على اليهود ولم يضلُّوا عن الحقِّ كما ضلَّت النَّصارى
﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ أَيْ: دُلَّنا عليه واسلكْ بنا فيه وثبِّتنا عليه
﴿صراط الذين أنعمتَ عليهم﴾ بالهداية وهم قومُ موسى وعيسى ﵉ قبل أن يُغيِّروا نعمَ الله ﷿ وقيل: هم الذين ذكرهم الله ﷿ في قوله تعالى ﴿فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم﴾ الآية ﴿غير المغضوب عليهم﴾ أَيْ: غير الذين غضبتَ عليهم وهم اليهود ومعنى الغضب من الله تعالى: إرادةُ العقوبة ﴿ولا الضَّالين﴾ أَيْ: ولا الذين ضلُّوا وهم النَّصارى فكأنَّ المسلمين سألوا الله تعالى أن يهديهم طريق الذين أنعم عليهم ولم يغضب عليهم كما غضب على اليهود ولم يضلُّوا عن الحقِّ كما ضلَّت النَّصارى
1 / 89
﴿الم﴾ أنا الله أعلم
﴿ذلك الكتاب﴾ أَيْ: هذا الكتاب يعني: القرآن ﴿لا ريب فيه﴾ أي: لاشك فيه أَيْ: إنَّه صدقٌ وحقٌّ وقيل لفظه لفظ خبرٍ ويُراد به النهي عن الارتياب قال: ﴿فلا رفث ولا فسوق﴾ ولا ريب فيه أنَّه ﴿هدىً﴾: بيانٌ ودلالةٌ ﴿للمتقين﴾: للمؤمنين الذين يتَّقون الشِّرْك في تخصيصه كتابه بالهدى للمتقين دلالةٌ على أنَّه ليس بهدىً لغيرهم وقد قال: ﴿والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر﴾
﴿الذين يؤمنون:﴾ يُصدِّقون ﴿بالغيب﴾: بما غاب عنهم من الجنَّة والنَّار والبعث ﴿ويقيمون الصَّلاة﴾: يُديمونها ويحافظون عليها ﴿وممَّا رزقناهم﴾: أعطيناهم ممّا ينتفعون به ﴿ينفقون﴾: يُخرجونه في طاعة الله تعالى
﴿ذلك الكتاب﴾ أَيْ: هذا الكتاب يعني: القرآن ﴿لا ريب فيه﴾ أي: لاشك فيه أَيْ: إنَّه صدقٌ وحقٌّ وقيل لفظه لفظ خبرٍ ويُراد به النهي عن الارتياب قال: ﴿فلا رفث ولا فسوق﴾ ولا ريب فيه أنَّه ﴿هدىً﴾: بيانٌ ودلالةٌ ﴿للمتقين﴾: للمؤمنين الذين يتَّقون الشِّرْك في تخصيصه كتابه بالهدى للمتقين دلالةٌ على أنَّه ليس بهدىً لغيرهم وقد قال: ﴿والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر﴾
﴿الذين يؤمنون:﴾ يُصدِّقون ﴿بالغيب﴾: بما غاب عنهم من الجنَّة والنَّار والبعث ﴿ويقيمون الصَّلاة﴾: يُديمونها ويحافظون عليها ﴿وممَّا رزقناهم﴾: أعطيناهم ممّا ينتفعون به ﴿ينفقون﴾: يُخرجونه في طاعة الله تعالى
1 / 90
﴿والذين يؤمنون بما أُنزل إليك﴾ نزلت في (مؤمني) أهل الكتاب يؤمنون بالقرآن ﴿وما أنزل من قبلك﴾ يعني: التَّوراة ﴿وبالآخرة﴾ يعني: وبالدَّار الآخرة ﴿هم يوقنون﴾: يعلمونها علمًا باستدلالٍ
﴿أولئك﴾ يعني: الموصوفين بهذه الصِّفات ﴿على هدىً﴾: بيانٍ وبصيرةٍ ﴿من ربِّهم﴾ أَيْ: من عند ربِّهم ﴿وأولئك هم المفلحون﴾: الباقون في النَّعيم المقيم
﴿إنَّ الذين كفروا﴾: ستروا ما أنعم الله ﷿ به عليهم من الهدى والآيات فجحدوها وتركوا توحيد الله تعالى ﴿سواء عليهم﴾: معتدلٌ ومتساوٍ عندهم ﴿أأنذرتهم﴾: أعلمتهم وخوَّفتهم ﴿أم لم تنذرهم﴾ أم تركت ذلك ﴿لا يؤمنون﴾ نزلت فِي أبي جهلٍ وخمسةٍ من أهل بيته ثمَّ ذكر سبب تركهم الإيمان
﴿ختم الله على قلوبهم﴾ أَيْ: طبع الله على قلوبهم واستوثق منها حتى لا يدخلها الإيمان ﴿وعلى سمعهم﴾: أَيْ: مسامعهم حتى لا ينتفعوا بما يسمعون ﴿وعلى أبصارهم﴾: على أعينهم ﴿غشاوة﴾ غطاءٌ فلا يبصرون الحقَّ ﴿ولهم عذابٌ عظيمٌ﴾ مُتواصل لا تتخلَّله فُرجةٌ
﴿أولئك﴾ يعني: الموصوفين بهذه الصِّفات ﴿على هدىً﴾: بيانٍ وبصيرةٍ ﴿من ربِّهم﴾ أَيْ: من عند ربِّهم ﴿وأولئك هم المفلحون﴾: الباقون في النَّعيم المقيم
﴿إنَّ الذين كفروا﴾: ستروا ما أنعم الله ﷿ به عليهم من الهدى والآيات فجحدوها وتركوا توحيد الله تعالى ﴿سواء عليهم﴾: معتدلٌ ومتساوٍ عندهم ﴿أأنذرتهم﴾: أعلمتهم وخوَّفتهم ﴿أم لم تنذرهم﴾ أم تركت ذلك ﴿لا يؤمنون﴾ نزلت فِي أبي جهلٍ وخمسةٍ من أهل بيته ثمَّ ذكر سبب تركهم الإيمان
﴿ختم الله على قلوبهم﴾ أَيْ: طبع الله على قلوبهم واستوثق منها حتى لا يدخلها الإيمان ﴿وعلى سمعهم﴾: أَيْ: مسامعهم حتى لا ينتفعوا بما يسمعون ﴿وعلى أبصارهم﴾: على أعينهم ﴿غشاوة﴾ غطاءٌ فلا يبصرون الحقَّ ﴿ولهم عذابٌ عظيمٌ﴾ مُتواصل لا تتخلَّله فُرجةٌ
1 / 91
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخر﴾ نزلت فِي المنافقين حين أظهروا كلمة الإيمان وأسرُّوا الكفر فنفى الله سبحانه عنهم الإِيمان بقوله: ﴿وما هم بمؤمنين﴾ فدلَّ أنَّ حقيقة الإيمان ليس الإِقرار فقط
﴿يخادعون الله والذين آمنوا﴾ أَيْ: يعملون عمل المخادع بإظهار غير ما هم عليه ليدفعوا عنهم أحكام الكفر ﴿وما يخدعون إلاَّ أنفسهم﴾ لأنَّ وبال خداعهم عاد عليهم بإطلاع الله تعالى نبيَّه ﵇ والمؤمنين على أسرارهم وافتضاحهم ﴿وما يشعرون﴾: وما يعلمون ذلك
﴿في قلوبهم مرض﴾ شك ونفاقٌ ﴿فزادهم الله مرضًا﴾ أَيْ: بما أنزل من القرآن فشكُّوا فِيهِ كما شكُّوا في الذي قبله ﴿ولهم عذابٌ أليم﴾: مؤلمٌ ﴿بما كانوا يكذبون﴾ بتكذيبهم آيات الله ﷿ ونبيه ﷺ (ومَنْ قرأ يُكذِّبون فمعناه: بكذبهم في ادّعائهم الإيمان)
﴿وإذا قيل لهم﴾ (لهؤلاء) المنافقين: ﴿لا تفسدوا فِي الأرض﴾ بالكفر وتعويق النَّاس عن الإيمان ﴿قالوا إنما نحن مصلحون﴾ أَي: الذين نحن عليه هو صلاحٌ عند أنفسنا فردَّ الله تعالى عليهم ذلك فقال
﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ﴾: لا يعلمون أنَّهم مُفسدون
﴿يخادعون الله والذين آمنوا﴾ أَيْ: يعملون عمل المخادع بإظهار غير ما هم عليه ليدفعوا عنهم أحكام الكفر ﴿وما يخدعون إلاَّ أنفسهم﴾ لأنَّ وبال خداعهم عاد عليهم بإطلاع الله تعالى نبيَّه ﵇ والمؤمنين على أسرارهم وافتضاحهم ﴿وما يشعرون﴾: وما يعلمون ذلك
﴿في قلوبهم مرض﴾ شك ونفاقٌ ﴿فزادهم الله مرضًا﴾ أَيْ: بما أنزل من القرآن فشكُّوا فِيهِ كما شكُّوا في الذي قبله ﴿ولهم عذابٌ أليم﴾: مؤلمٌ ﴿بما كانوا يكذبون﴾ بتكذيبهم آيات الله ﷿ ونبيه ﷺ (ومَنْ قرأ يُكذِّبون فمعناه: بكذبهم في ادّعائهم الإيمان)
﴿وإذا قيل لهم﴾ (لهؤلاء) المنافقين: ﴿لا تفسدوا فِي الأرض﴾ بالكفر وتعويق النَّاس عن الإيمان ﴿قالوا إنما نحن مصلحون﴾ أَي: الذين نحن عليه هو صلاحٌ عند أنفسنا فردَّ الله تعالى عليهم ذلك فقال
﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ﴾: لا يعلمون أنَّهم مُفسدون
1 / 92
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾ هم أصحاب محمد ﷺ ﴿قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء﴾ أَيْ: لا نفعل كما فعلوا وهذا القول كانوا يقولونه فيما بينهم فأخبر الله تعالى به عنهم
﴿وإذا لقوا الذين آمنوا﴾ إذا اجتمعوا مع المؤمنين ورأوهم ﴿قالوا آمنَّا﴾ ﴿وإذا خلوا﴾ من المؤمنين وانصرفوا ﴿إلى شياطينهم﴾: كبرائِهم وقادتهم ﴿قالوا إنَّا معكم﴾ (أَيْ: على دينكم) ﴿إنَّما نحن مستهزئون﴾: مُظهرون غير ما نضمره
﴿الله يستهزئ بهم﴾: يجازيهم جزاء استهزائهم ﴿ويمدُّهم﴾: يُمهلهم ويطوِّل أعمارهم ﴿في طغيانهم﴾: في إسرافهم ومجاوزتهم القدر في الكفر ﴿يعمهون﴾ يتردَّدون مُتحيِّرين
﴿أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى﴾: أخذوا الضَّلالة وتركوا الهدى ﴿فما ربحت تجارتُهم﴾ فما ربحوا في تجارتهم (وإضافة الرِّبح إلى التجارة على طريق الاتساع كإضافة الإيضاء إلى النار) ﴿وما كانوا مهتدين﴾ فيما فعلوا
﴿مثلُهم كمثل الذي استوقد نارًا﴾ أَيْ: حالهم في نفاقهم وإبطانهم الكفر كحالِ مَنْ أَوقد نارًا فاستضاء بها وأضاءت النَّار ما حوله ممَّا يخاف ويحذر وأمن فبينما هو كذلك إذ طُفئت ناره فبقي مُظلمًا خائفًا مُتحيِّرًا فذلك قوله تعالى: ﴿ذهب الله بنورهم﴾ الآية كذلك المنافقون لمَّا أظهروا كلمة الإيمان اغترُّوا بها وأَمِنُوا فلمَّا ماتوا عادوا إلى الخوف والعذاب
﴿وإذا لقوا الذين آمنوا﴾ إذا اجتمعوا مع المؤمنين ورأوهم ﴿قالوا آمنَّا﴾ ﴿وإذا خلوا﴾ من المؤمنين وانصرفوا ﴿إلى شياطينهم﴾: كبرائِهم وقادتهم ﴿قالوا إنَّا معكم﴾ (أَيْ: على دينكم) ﴿إنَّما نحن مستهزئون﴾: مُظهرون غير ما نضمره
﴿الله يستهزئ بهم﴾: يجازيهم جزاء استهزائهم ﴿ويمدُّهم﴾: يُمهلهم ويطوِّل أعمارهم ﴿في طغيانهم﴾: في إسرافهم ومجاوزتهم القدر في الكفر ﴿يعمهون﴾ يتردَّدون مُتحيِّرين
﴿أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى﴾: أخذوا الضَّلالة وتركوا الهدى ﴿فما ربحت تجارتُهم﴾ فما ربحوا في تجارتهم (وإضافة الرِّبح إلى التجارة على طريق الاتساع كإضافة الإيضاء إلى النار) ﴿وما كانوا مهتدين﴾ فيما فعلوا
﴿مثلُهم كمثل الذي استوقد نارًا﴾ أَيْ: حالهم في نفاقهم وإبطانهم الكفر كحالِ مَنْ أَوقد نارًا فاستضاء بها وأضاءت النَّار ما حوله ممَّا يخاف ويحذر وأمن فبينما هو كذلك إذ طُفئت ناره فبقي مُظلمًا خائفًا مُتحيِّرًا فذلك قوله تعالى: ﴿ذهب الله بنورهم﴾ الآية كذلك المنافقون لمَّا أظهروا كلمة الإيمان اغترُّوا بها وأَمِنُوا فلمَّا ماتوا عادوا إلى الخوف والعذاب
1 / 93
﴿صمٌّ﴾ لتركهم قبول ما يسمعون ﴿بُكْمٌ﴾ لتركهم القول بالخير ﴿عُمْيٌ﴾ لتركهم ما يُبصرون من الهداية ﴿فهم لا يرجعون﴾ عن الجهل والعمى إلى الإسلام ثمَّ ذكر تمثيلًا آخر فقال
﴿أو كصيِّبٍ﴾ أو كأصحاب مطرٍ شديدٍ ﴿من السَّماء﴾: من السَّحاب ﴿فيه﴾: في ذلك السَّحاب ﴿ظلماتٌ ورعدٌ﴾ وهو صوت مَلَكٍ مُوكَّلٍ بالسَّحاب ﴿وبرق﴾ وهي النَّار التي تخرج منه ﴿يجعلون أصابعهم في آذانهم﴾ يعني: أهل هذا المطر ﴿من الصواعق﴾ من شدَّة صوت الرَّعد يسدُّون آذانهم بأصابعهم كيلا يموتوا بشدَّة ما يسمعون من الصَّوت فالمطر مَثَلٌ للقرآن لما فيه من حياة القلوب والظُّلماتُ مثل لما في القرآن من ذكر الكفر والشرك وبيان الفتن والأهوال والرعد مَثَلٌ لما خُوِّفوا به من الوعيد وذكر النَّار والبرقُ مثلٌ لحجج القرآن وما فيه من البيان وجعل الأصابع في الآذان حذر الموت مثَلٌ لجعل المنافقين أصابعهم في آذانهم كيلا يسمعوا القرآن مخافةَ ميل القلب إلى القرآن فيؤدِّي ذلك إلى الإيمان بمحمد ﷺ وذلك عندهم كفرٌ والكفر موتٌ ﴿واللَّهُ محيطٌ بالكافرين﴾ مُهلكهم وجامعهم في النَّار
﴿يكاد البرقُ يخطف أبصارهم﴾ هذا تمثيلٌ آخر يقول: يكاد ما في القرآن من الحجج يخطف قلوبهم من شدَّة إزعاجها إلى النَّظر في أمر دينهم ﴿كلما أضاءَ لهم مشوا فيه﴾: كُلَّما سمعوا شيئًا ممَّا يُحبّون صدَّقوا وإذا سمعوا ما يكرهون وقفوا وذلك قوله ﷿: ﴿وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لذهب بسمعهم وأبصارهم﴾ أَيْ: بأسماعهم الظَّاهرة وأبصارهم الظَّاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة حتى صاروا صُمًَّا عُميًا فليحذروا عاجل عقوبة الله سبحانه وآجلها ف ﴿إنَّ الله على كل شيء قديرٌ﴾ من ذلك
﴿أو كصيِّبٍ﴾ أو كأصحاب مطرٍ شديدٍ ﴿من السَّماء﴾: من السَّحاب ﴿فيه﴾: في ذلك السَّحاب ﴿ظلماتٌ ورعدٌ﴾ وهو صوت مَلَكٍ مُوكَّلٍ بالسَّحاب ﴿وبرق﴾ وهي النَّار التي تخرج منه ﴿يجعلون أصابعهم في آذانهم﴾ يعني: أهل هذا المطر ﴿من الصواعق﴾ من شدَّة صوت الرَّعد يسدُّون آذانهم بأصابعهم كيلا يموتوا بشدَّة ما يسمعون من الصَّوت فالمطر مَثَلٌ للقرآن لما فيه من حياة القلوب والظُّلماتُ مثل لما في القرآن من ذكر الكفر والشرك وبيان الفتن والأهوال والرعد مَثَلٌ لما خُوِّفوا به من الوعيد وذكر النَّار والبرقُ مثلٌ لحجج القرآن وما فيه من البيان وجعل الأصابع في الآذان حذر الموت مثَلٌ لجعل المنافقين أصابعهم في آذانهم كيلا يسمعوا القرآن مخافةَ ميل القلب إلى القرآن فيؤدِّي ذلك إلى الإيمان بمحمد ﷺ وذلك عندهم كفرٌ والكفر موتٌ ﴿واللَّهُ محيطٌ بالكافرين﴾ مُهلكهم وجامعهم في النَّار
﴿يكاد البرقُ يخطف أبصارهم﴾ هذا تمثيلٌ آخر يقول: يكاد ما في القرآن من الحجج يخطف قلوبهم من شدَّة إزعاجها إلى النَّظر في أمر دينهم ﴿كلما أضاءَ لهم مشوا فيه﴾: كُلَّما سمعوا شيئًا ممَّا يُحبّون صدَّقوا وإذا سمعوا ما يكرهون وقفوا وذلك قوله ﷿: ﴿وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لذهب بسمعهم وأبصارهم﴾ أَيْ: بأسماعهم الظَّاهرة وأبصارهم الظَّاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة حتى صاروا صُمًَّا عُميًا فليحذروا عاجل عقوبة الله سبحانه وآجلها ف ﴿إنَّ الله على كل شيء قديرٌ﴾ من ذلك
1 / 94
﴿يا أيها الناس﴾ يعني: أهل مكَّة ﴿اعبدوا ربَّكم﴾: اخضعوا له بالطَّاعة ﴿الذي خلقكم﴾: ابتدأكم ولم تكونوا شيئًا ﴿والذين من قبلكم﴾ (آبائكم) (وخاق الذين من قبلكم) أي: إنَّ عبادة الخالق أولى من عبادة المخلوق وهو الصَّنم ﴿لعلَّكم تتقون﴾ لكي تتقوا بعبادته عقوبته أن تحلَّ بكم
﴿الذي جعل لكم الأرض فراشًا﴾ بساطًا لم يجعلها حَزْنةً غليظةً لا يمكن الاستقرار عليها ﴿والسماء بناءً﴾ سقفًا ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات﴾ يعني: حمل الأشجار وجميع ما ينتفع به ممَّا يخرج من الأرض ﴿فلا تجعلوا لله أندادًا﴾: أمثالًا من الأصنام التي تعبدونها ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنَّهم لا يخلقون والله هو الخالق وهذا احتجاجٌ عليهم في إثبات التَّوحيد ثمَّ احتجَّ عليهم فِي إثبات نبوَّة محمد ﷺ بما قطع عذرهم به فقال:
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا﴾ أي: وإن كنتم فِي شك من صدق هذا الكتاب الذي أنزلناه على محمد ﷺ وقلتم: لا ندري هل هو من عند الله أم لا ﴿فأتوا بسورة﴾ من مثل هذا القرآن فِي الإِعجاز وحسن النَّظم والإِخبار عمَّا كان وما يكون ﴿وادعوا شهداءكم﴾ واستعينوا بآلهتكم التي تدعونها ﴿من دون الله إن كنتم صادقين﴾ أنَّ محمدًا تقوَّله من نفسه
﴿الذي جعل لكم الأرض فراشًا﴾ بساطًا لم يجعلها حَزْنةً غليظةً لا يمكن الاستقرار عليها ﴿والسماء بناءً﴾ سقفًا ﴿وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات﴾ يعني: حمل الأشجار وجميع ما ينتفع به ممَّا يخرج من الأرض ﴿فلا تجعلوا لله أندادًا﴾: أمثالًا من الأصنام التي تعبدونها ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنَّهم لا يخلقون والله هو الخالق وهذا احتجاجٌ عليهم في إثبات التَّوحيد ثمَّ احتجَّ عليهم فِي إثبات نبوَّة محمد ﷺ بما قطع عذرهم به فقال:
﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا﴾ أي: وإن كنتم فِي شك من صدق هذا الكتاب الذي أنزلناه على محمد ﷺ وقلتم: لا ندري هل هو من عند الله أم لا ﴿فأتوا بسورة﴾ من مثل هذا القرآن فِي الإِعجاز وحسن النَّظم والإِخبار عمَّا كان وما يكون ﴿وادعوا شهداءكم﴾ واستعينوا بآلهتكم التي تدعونها ﴿من دون الله إن كنتم صادقين﴾ أنَّ محمدًا تقوَّله من نفسه
1 / 95
﴿فإنْ لم تفعلوا﴾ هذا فيما مضى ﴿ولن تفعلوا﴾ هُ أيضًا فيما يُستقبل أبدًا ﴿فاتقوا﴾: فاحذروا أن تصلوا ﴿النَّار التي وقودها﴾ ما يُوقد به ﴿الناسُ والحجارة﴾ يعني حجارة الكبريت وهي أشدُّ لاتِّقادها ﴿أعدَّت﴾ (خُلقت وهُيِّئت) جزاءً ﴿للكافرين﴾ بتكذيبهم ثمَّ ذكر جزاء المؤمنين فقال:
﴿وبشر الذين آمنوا﴾ أي: أخبرهم خبرًا يظهر به أثر السُّرور على بشرتهم ﴿وعملوا الصالحات﴾ أَي: الأعمال الصَّالحات يعني الطَّاعات فيما بينهم وبين ربِّهم ﴿أنَّ لهم﴾: بأنَّ لهم ﴿جناتٍ﴾: حدائق ذات الشِّجر ﴿تجري من تحتها﴾ من تحت أشجارها ومساكنها ﴿الأنهار﴾ ﴿كلما رزقوا﴾: أُطعموا من تلك الجنَّات ثمرةً ﴿قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ لتشابه ما يُؤتون به وأرادوا: هذا من نوع ما رُزقنا من قبل ﴿وأتوا به متشابهًا﴾ في اللَّون والصُّورة مختلفًا في الطَّعم وذلك أبلغ في باب الإِعجاب ﴿ولهم فيها أزواجٌ﴾: من الحور العين والآدميات ﴿مطهرةٌ﴾ عن كلِّ أذىً وقذرٍ ممَّا في نساء الدُّنيا ومن مساوئ الأخلاق وآفات الشَّيب والهرم ﴿وهم فِيها خالدون﴾ لأنَّ تمام النِّعمة بالخلود
﴿إنَّ الله لا يَسْتَحْيِ﴾ الآية لمَّا ضرب الله سبحانه المَثل للمشركين بالذُّباب والعنكبوت في كتابه ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله سبحانه فأنزل الله تعالى: ﴿إنَّ الله لا يَسْتَحْيِ﴾ لا يترك ولا يخشى ﴿أن يضرب مثلًا﴾ أَنْ يُبيِّنَ شبهًا ﴿ما بعوضةً﴾ ما زائدة مؤكِّدة والبعوض: صغار البق الواحدة: بعوضة ﴿فما فوقها﴾ يعني: فما هو أكبر منها والمعنى: إنَّ الله تعالى لا يترك ضرب المثل ببعوضةٍ فما فوقها إذا علم أنَّ فِيهِ عبرةُ لمن اعتبر وحجَّةً على مَنْ جحد (واستكبر) ﴿فأمَّا الذين آمنوا فيعلمون﴾ أنَّ المثل وقع في حقِّه ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بهذا مثلًا﴾ أَيْ: أَيُّ شيء أرادالله بهذا من الأمثال؟ والمعنى ئئئئانهم يقولون: أَيُّ فائدةٍ في ضرب الله المثل بهذا؟ فأجابهم الله سبحانه فقال ﴿يضلُّ به كثيرًا﴾ أَيْ: أراد الله بهذا المثل أن يضلَّ به كثيرًا من الكافرين وذلك أنَّهم يُنكرونه ويُكذِّبونه ﴿ويهدي به كثيرًا﴾ من المؤمنين لأنَّهم يعرفونه ويصدِّقونه ﴿وما يضلُّ به إلاَّ الفاسقين﴾ الكافرين الخارجين عن طاعته
﴿وبشر الذين آمنوا﴾ أي: أخبرهم خبرًا يظهر به أثر السُّرور على بشرتهم ﴿وعملوا الصالحات﴾ أَي: الأعمال الصَّالحات يعني الطَّاعات فيما بينهم وبين ربِّهم ﴿أنَّ لهم﴾: بأنَّ لهم ﴿جناتٍ﴾: حدائق ذات الشِّجر ﴿تجري من تحتها﴾ من تحت أشجارها ومساكنها ﴿الأنهار﴾ ﴿كلما رزقوا﴾: أُطعموا من تلك الجنَّات ثمرةً ﴿قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ لتشابه ما يُؤتون به وأرادوا: هذا من نوع ما رُزقنا من قبل ﴿وأتوا به متشابهًا﴾ في اللَّون والصُّورة مختلفًا في الطَّعم وذلك أبلغ في باب الإِعجاب ﴿ولهم فيها أزواجٌ﴾: من الحور العين والآدميات ﴿مطهرةٌ﴾ عن كلِّ أذىً وقذرٍ ممَّا في نساء الدُّنيا ومن مساوئ الأخلاق وآفات الشَّيب والهرم ﴿وهم فِيها خالدون﴾ لأنَّ تمام النِّعمة بالخلود
﴿إنَّ الله لا يَسْتَحْيِ﴾ الآية لمَّا ضرب الله سبحانه المَثل للمشركين بالذُّباب والعنكبوت في كتابه ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله سبحانه فأنزل الله تعالى: ﴿إنَّ الله لا يَسْتَحْيِ﴾ لا يترك ولا يخشى ﴿أن يضرب مثلًا﴾ أَنْ يُبيِّنَ شبهًا ﴿ما بعوضةً﴾ ما زائدة مؤكِّدة والبعوض: صغار البق الواحدة: بعوضة ﴿فما فوقها﴾ يعني: فما هو أكبر منها والمعنى: إنَّ الله تعالى لا يترك ضرب المثل ببعوضةٍ فما فوقها إذا علم أنَّ فِيهِ عبرةُ لمن اعتبر وحجَّةً على مَنْ جحد (واستكبر) ﴿فأمَّا الذين آمنوا فيعلمون﴾ أنَّ المثل وقع في حقِّه ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بهذا مثلًا﴾ أَيْ: أَيُّ شيء أرادالله بهذا من الأمثال؟ والمعنى ئئئئانهم يقولون: أَيُّ فائدةٍ في ضرب الله المثل بهذا؟ فأجابهم الله سبحانه فقال ﴿يضلُّ به كثيرًا﴾ أَيْ: أراد الله بهذا المثل أن يضلَّ به كثيرًا من الكافرين وذلك أنَّهم يُنكرونه ويُكذِّبونه ﴿ويهدي به كثيرًا﴾ من المؤمنين لأنَّهم يعرفونه ويصدِّقونه ﴿وما يضلُّ به إلاَّ الفاسقين﴾ الكافرين الخارجين عن طاعته
1 / 96
﴿الذين ينقضون﴾ يهدمون ويفسدون ﴿عهدَ الله﴾: وصيته وأمره في الكتب المتقدِّمة بالإِيمان بمحمد ﷺ ﴿من بعد ميثاقه﴾ من بعد توكيده عليهم بإيجابه ذلك ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ يعني: الرَّحم وذلك أنَّ قريشًا قطعوا رحم النَّبيِّ صلي الله عليه وسلم بالمعاداة معه ﴿ويفسدون فِي الأرض﴾ بالمعاصي وتعويق النَّاس عن الإيمان بمحمد ﷺ ﴿أولئك هم الخاسرون﴾ (مغبونون) بفوت المثوبة والمصيرِ إلى العقوبة
1 / 97
﴿كيف تكفرون بالله﴾ معنى كيف ها هنا استفهامٌ في معنى التَّعجُّب للخلقِ أَي: اعجبوا من هؤلاء كيف يكفرون بالله وحالُهم أنَّهم كانوا ترابًا فأحياهم بأَنْ خلق فيهم الحياة فالخطاب للكفَّار والتَّعجب للمؤمنين وقوله تعالى: ﴿ثم يميتكم﴾ أَيْ: في الدُّنيا ﴿ثمَّ يُحييكم﴾ في الآخرة للبعث ﴿ثمَّ إليه ترجعون﴾ تردُّون فيفعل بكم ما يشاء فاستعظم المشركون أمر البعث والإعادة فاحتجَّ الله سبحانه عليهم بخلق السماوات والأرض فقال:
﴿هو الذي خلق لكم﴾ لأجلكم ﴿ما في الأرض جميعًا﴾ بعضها للانتفاع وبعضها للاعتبار ﴿ثمَّ استوى إلى السَّماء﴾: أقبل على خلقها وقصد إليها ﴿فسوَّاهنَّ سبع سماوات﴾ فجعلهن سبع سماوات مُستوياتٍ لا شقوق فيها ولا فطور ولا تفاوت ﴿وهو بكلِّ شيءٍ عليم﴾ إذ بالعلم يصحُّ الفعل المحكم
﴿وإذ قال ربك﴾ واذكر لهم يا محمَّدُ إذ قَالَ رَبُّكَ ﴿لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خليفة﴾ يعني: آدم جعله خليفةً عن الملائكة الذين كانوا سكَّان الأرض بعد الجنِّ والمراد بذكر هذه القصَّة ذكرُ بدءِ خلق النَّاس ﴿قالوا أتجعل فِيها مَنْ يفسد فِيها﴾ كما فعل بنو الجانِّ قاسوا (الشَّاهد) على الغائب ﴿ونحن نسبح بحمدك﴾ نُبرِّئُك من كلِّ سوءٍ ونقول: سبحان الله وبحمده ﴿ونقدِّسُ لك﴾ ونُنزِّهك عمَّا لا يليق بك ﴿قال إني أعلم ما لا تعلمون﴾ من إضمار إبليس العزم على المعصية فلمَّا قال الله تعالى هذا للملائكة قالوا فيما بينهم: لن يخلق ربُّنا خلقًا هو أعلمُ منَّا ففضَّل الله تعالى عليهم آدم بالعلم وعلَّمه اسم كلِّ شيء حتى القصعة (والقصيعة) والمِغْرفة وذلك قوله تعالى:
﴿هو الذي خلق لكم﴾ لأجلكم ﴿ما في الأرض جميعًا﴾ بعضها للانتفاع وبعضها للاعتبار ﴿ثمَّ استوى إلى السَّماء﴾: أقبل على خلقها وقصد إليها ﴿فسوَّاهنَّ سبع سماوات﴾ فجعلهن سبع سماوات مُستوياتٍ لا شقوق فيها ولا فطور ولا تفاوت ﴿وهو بكلِّ شيءٍ عليم﴾ إذ بالعلم يصحُّ الفعل المحكم
﴿وإذ قال ربك﴾ واذكر لهم يا محمَّدُ إذ قَالَ رَبُّكَ ﴿لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خليفة﴾ يعني: آدم جعله خليفةً عن الملائكة الذين كانوا سكَّان الأرض بعد الجنِّ والمراد بذكر هذه القصَّة ذكرُ بدءِ خلق النَّاس ﴿قالوا أتجعل فِيها مَنْ يفسد فِيها﴾ كما فعل بنو الجانِّ قاسوا (الشَّاهد) على الغائب ﴿ونحن نسبح بحمدك﴾ نُبرِّئُك من كلِّ سوءٍ ونقول: سبحان الله وبحمده ﴿ونقدِّسُ لك﴾ ونُنزِّهك عمَّا لا يليق بك ﴿قال إني أعلم ما لا تعلمون﴾ من إضمار إبليس العزم على المعصية فلمَّا قال الله تعالى هذا للملائكة قالوا فيما بينهم: لن يخلق ربُّنا خلقًا هو أعلمُ منَّا ففضَّل الله تعالى عليهم آدم بالعلم وعلَّمه اسم كلِّ شيء حتى القصعة (والقصيعة) والمِغْرفة وذلك قوله تعالى:
1 / 98
﴿وعلَّم آدم الأسماءَ كلَّها﴾ أَيْ: خلق فِي قلبه علمًا بالأسماء على سبيل الابتداء ﴿ثمَّ عرَضهم﴾ أَيْ: عرض المسمَّيات بالأسماء من الحيوان والجماد وغير ذلك ﴿على الملائكة فقال أنبئوني﴾ أخبروني ﴿بأسماء هؤلاء﴾ وهذا أمرُ تعجيزٍ أراد الله تعالى أن يُبيِّن عجزهم عن علم مايرون ويُعاينون ﴿إن كنتم صادقين﴾ أنِّي لا أخلق خلقًا أعلمَ منكم فقالت الملائكة إقرارًا بالعجز واعتذارًا:
﴿سبحانك﴾ تنزيهًا لك عن الاعتراض عليك فِي حكمك ﴿لا علم لنا إلاَّ ما علمتنا﴾ اعترفوا العجز عن علم ما لم يُعلَّموه ﴿إنَّك أنت العليم﴾ العالم ﴿الحكيم﴾ الحاكم تحكم بالحق وتقضي به فلمَّا ظهر عجز الملائكة قال الله تعالى لآدم:
﴿يا آدم أنبئهم بأسمائهم﴾ أخبرهم بتسمياتهم فسمَّى كلَّ شيءٍ باسمه وألحق كلَّ شيءٍ بجنسه ﴿فلما أنبأهم بأسمائهم﴾: أخبرهم بمسمَّياتهم ﴿قال﴾ الله تعالى للملائكة: ﴿ألم أقل لكم﴾ وهذا استفهامٌ يتضمَّن التَّوبيخ لهم على قولهم: ﴿أتجعل فيها مَنْ يفسد فيها﴾ ﴿إني أعلم غيب السماوات والأرض﴾ أَيْ: ما غاب فيهما عنكم ﴿وأعلم ما تبدون﴾: علانيتكم ﴿وما كنتم تكتمون﴾: سرَّكم لا يخفى عليَّ شيءٌ من أموركم
﴿سبحانك﴾ تنزيهًا لك عن الاعتراض عليك فِي حكمك ﴿لا علم لنا إلاَّ ما علمتنا﴾ اعترفوا العجز عن علم ما لم يُعلَّموه ﴿إنَّك أنت العليم﴾ العالم ﴿الحكيم﴾ الحاكم تحكم بالحق وتقضي به فلمَّا ظهر عجز الملائكة قال الله تعالى لآدم:
﴿يا آدم أنبئهم بأسمائهم﴾ أخبرهم بتسمياتهم فسمَّى كلَّ شيءٍ باسمه وألحق كلَّ شيءٍ بجنسه ﴿فلما أنبأهم بأسمائهم﴾: أخبرهم بمسمَّياتهم ﴿قال﴾ الله تعالى للملائكة: ﴿ألم أقل لكم﴾ وهذا استفهامٌ يتضمَّن التَّوبيخ لهم على قولهم: ﴿أتجعل فيها مَنْ يفسد فيها﴾ ﴿إني أعلم غيب السماوات والأرض﴾ أَيْ: ما غاب فيهما عنكم ﴿وأعلم ما تبدون﴾: علانيتكم ﴿وما كنتم تكتمون﴾: سرَّكم لا يخفى عليَّ شيءٌ من أموركم
1 / 99
﴿وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم﴾ سجود تعظيمٍ وتسليمٍ وتحيَّةٍ وكان ذلك انحناءًا يدلُّ على التَّواضع ولم يكن وضعَ الوجه على الأرض ﴿فسجدوا إلاَّ إبليس أبى﴾ امتنع ﴿واستكبر وكان من الكافرين﴾ في سابق علم الله ﷿
﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ اتَّخذاها مأوىً ومنزلًا ﴿وكلا منها رغدًا﴾ واسعًا ﴿حيث شئتما﴾ ما شئتما إذا شئتما (كيف شئتما) ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ لاتحوما حولها بالأكل منها يعني السُّنبلة ﴿فتكونا﴾ فتصيرا ﴿من الظالمين﴾: العاصين الذين وضعوا أمر الله ﷿ غير موضعه
﴿فأزلهما الشيطان﴾ نحاهما وعدهما ﴿عنها فأخرجهما ممَّا كانا فيه﴾ من الرتبة وليس العيش ﴿وقلنا﴾ لآدم وحواء وإبليس والحيَّة: ﴿اهبطوا﴾ أي: انزلوا إلى الأرض ﴿بعضكم لبعض عدو﴾ يعني: العداوة التي بين آدم وحواء والحيَّة وبين ذرية آدم ﵇ من المؤمنين وبين إبليس لعنه الله ﴿ولكم في الأرض مستقر﴾ موضع قرارٍ ﴿ومتاع إلى حين﴾ ما تتمتَّعون به ممَّا تُنبته الأرض إلى حين االموت
﴿فتلقى آدم من ربه﴾ أخذ وتلقَّن ﴿كلماتٍ﴾ وهو أنَّ الله تعالى ألهم آدم ﵇ حين اعترف بذنبه وقال: ﴿ربنا ظلمنا أنفسنا﴾ الآية ﴿فتاب عليه﴾ فعاد عليه بالمغفرة حين اعترف بالذَّنب واعتذر ﴿إنَّه هو التواب﴾ يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه
﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ اتَّخذاها مأوىً ومنزلًا ﴿وكلا منها رغدًا﴾ واسعًا ﴿حيث شئتما﴾ ما شئتما إذا شئتما (كيف شئتما) ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ لاتحوما حولها بالأكل منها يعني السُّنبلة ﴿فتكونا﴾ فتصيرا ﴿من الظالمين﴾: العاصين الذين وضعوا أمر الله ﷿ غير موضعه
﴿فأزلهما الشيطان﴾ نحاهما وعدهما ﴿عنها فأخرجهما ممَّا كانا فيه﴾ من الرتبة وليس العيش ﴿وقلنا﴾ لآدم وحواء وإبليس والحيَّة: ﴿اهبطوا﴾ أي: انزلوا إلى الأرض ﴿بعضكم لبعض عدو﴾ يعني: العداوة التي بين آدم وحواء والحيَّة وبين ذرية آدم ﵇ من المؤمنين وبين إبليس لعنه الله ﴿ولكم في الأرض مستقر﴾ موضع قرارٍ ﴿ومتاع إلى حين﴾ ما تتمتَّعون به ممَّا تُنبته الأرض إلى حين االموت
﴿فتلقى آدم من ربه﴾ أخذ وتلقَّن ﴿كلماتٍ﴾ وهو أنَّ الله تعالى ألهم آدم ﵇ حين اعترف بذنبه وقال: ﴿ربنا ظلمنا أنفسنا﴾ الآية ﴿فتاب عليه﴾ فعاد عليه بالمغفرة حين اعترف بالذَّنب واعتذر ﴿إنَّه هو التواب﴾ يتوب على عبده بفضله إذا تاب إليه من ذنبه
1 / 100
﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ كرَّر الأمر بالهبوط للتَّأكيد ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ أَيْ: فإنْ يأتكم مني شريعةٌ ورسولٌ وبيانٌ ودعوةٌ ﴿فَمَنْ تبع هداي﴾ أَيْ: قَبِل أمري واتَّبع ما آمره به ﴿فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ فِي الآخرة وَلا حزن والخطاب لآدم وحوَّاء وذرِّيتهما أعلمهم الله تعالى أنَّه يبتليهم بالطَّاعة ويجازيهم بالجنَّة عليها ويعاقبهم بالنَّار على تركها وهو قوله تعالى:
﴿والذين كفروا وكذبوا بآياتنا﴾ أَيْ: بأدلتنا وكتبنا ﴿أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾
﴿يا بني إسرائيل﴾ أولاد يعقوب ﵇ ﴿اذكروا﴾ اشكروا وذكر النِّعمة هو شكرها ﴿نعمتي﴾ يعني: نعمي ﴿التي أنعمت عليكم﴾ يعني: فلق البحر والإِنجاء من فرعون وتظليل الغمام إلى سائر ما أنعم الله تعالى به عليهم والمراد بقوله تعالى: ﴿عليكم﴾ أَيْ: على آبائكم والنِّعمة على آبائهم نعمةٌ عليهم وشكر هذه النِّعم طاعتُه في الإيمان بمحمد ﷺ ثمَّ صرَّح بذلك فقال ﴿وأوفوا بعهدي﴾ أَيْ: في محمد ﷺ ﴿أُوف بعهدكم﴾ أدخلكم الجنَّة ﴿وإيَّاي فارهبون﴾ فخافوني في نقض العهد
﴿والذين كفروا وكذبوا بآياتنا﴾ أَيْ: بأدلتنا وكتبنا ﴿أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾
﴿يا بني إسرائيل﴾ أولاد يعقوب ﵇ ﴿اذكروا﴾ اشكروا وذكر النِّعمة هو شكرها ﴿نعمتي﴾ يعني: نعمي ﴿التي أنعمت عليكم﴾ يعني: فلق البحر والإِنجاء من فرعون وتظليل الغمام إلى سائر ما أنعم الله تعالى به عليهم والمراد بقوله تعالى: ﴿عليكم﴾ أَيْ: على آبائكم والنِّعمة على آبائهم نعمةٌ عليهم وشكر هذه النِّعم طاعتُه في الإيمان بمحمد ﷺ ثمَّ صرَّح بذلك فقال ﴿وأوفوا بعهدي﴾ أَيْ: في محمد ﷺ ﴿أُوف بعهدكم﴾ أدخلكم الجنَّة ﴿وإيَّاي فارهبون﴾ فخافوني في نقض العهد
1 / 101
﴿وآمنوا بما أنزلت﴾ يعني: القرآن ﴿مصدقًا لما معكم﴾ موافقًا للتَّوراة فِي التَّوحيد والنُّبوَّة ﴿وَلا تكونوا أوَّل كافر به﴾ أَيْ: أوَّل مَنْ يكفر به من أهل الكتاب لأنَّكم إذا كفرتم كفر أتباعكم فتكونوا أئمةً في الضَّلالة والخطابُ لعلماء اليهود ﴿ولا تشتروا﴾ ولا تستبدلوا ﴿بآياتي﴾ ببيان صفة محمد ﷺ ونعته ﴿ثمنًا قليلًا﴾ عوضًا يسيرًا من الدُّنيا يعني: ما كانوا يصيبونه من سفلتهم فخافوا إنْ هم بينوا صفة محمد ﷺ أَنْ تفوتهم تلك المآكل والرِّياسة ﴿وإيايَّ فاتقون﴾ فاخشوني في أمر محمد ﷺ لا ما يفوتكم من الرِّياسة
﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل﴾ أَيْ: لا تخلطوا الحقَّ الذي أنزلتُ عليكم من صفة محمد ﵇ بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم من تغيير صفته وتبديل نعته ﴿وتكتموا الحق﴾ أَيْ: ولا تكتموا الحقَّ فهو جزمٌ عُطِفَ على النَّهي ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنَّه نبيٌّ مرسلٌ قد أُنزل عليكم في كتابكم فجحدتم نبوَّته مع العلم به
﴿وأقيموا الصلاة﴾ المفروضة ﴿وآتوا الزكاة﴾ الواجبة في المال ﴿واركعوا مع الراكعين﴾ وصلُّوا مع المصلين محمد ﷺ وأصحابه في جماعةٍ
﴿أتأمرون الناس بالبرِّ﴾ كانت اليهود تقول لأقربائهم من المسلمين: اثبتوا على ما أنتم عليه ولا يؤمنون به فأنزل الله تعالى توبيخًا لهم: ﴿أتأمرون الناس بالبر﴾ بالإيمان بمحمد ﷺ ﴿وتنسون﴾ وتتركون ﴿أنفسكم﴾ فلا تأمرونها بذلك ﴿وأنتم تتلون الكتاب﴾ تقرؤون التَّوراة وفيها صفة محمد ﷺ ونعته ﴿أفلا تعقلون﴾ أنَّه حقٌّ فتتَّبعونه؟ ! ثمَّ أمرهم الله تعالى بالصَّوم والصَّلاة لأنَّهم إنَّما كان يمنعهم عن الإسلام الشَّره وخوف ذَهاب مأكلتهم وحب الرِّياسة فأُمروا بالصَّوم الذي يُذهب الشَّرَه وبالصًَّلاة التي تُورث الخشوع وتَنفي الكبر وأُريدَ بالصَّلاةِ الصَّلاةُ التي معها الإيمان بمحمد ﷺ فقال
﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل﴾ أَيْ: لا تخلطوا الحقَّ الذي أنزلتُ عليكم من صفة محمد ﵇ بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم من تغيير صفته وتبديل نعته ﴿وتكتموا الحق﴾ أَيْ: ولا تكتموا الحقَّ فهو جزمٌ عُطِفَ على النَّهي ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنَّه نبيٌّ مرسلٌ قد أُنزل عليكم في كتابكم فجحدتم نبوَّته مع العلم به
﴿وأقيموا الصلاة﴾ المفروضة ﴿وآتوا الزكاة﴾ الواجبة في المال ﴿واركعوا مع الراكعين﴾ وصلُّوا مع المصلين محمد ﷺ وأصحابه في جماعةٍ
﴿أتأمرون الناس بالبرِّ﴾ كانت اليهود تقول لأقربائهم من المسلمين: اثبتوا على ما أنتم عليه ولا يؤمنون به فأنزل الله تعالى توبيخًا لهم: ﴿أتأمرون الناس بالبر﴾ بالإيمان بمحمد ﷺ ﴿وتنسون﴾ وتتركون ﴿أنفسكم﴾ فلا تأمرونها بذلك ﴿وأنتم تتلون الكتاب﴾ تقرؤون التَّوراة وفيها صفة محمد ﷺ ونعته ﴿أفلا تعقلون﴾ أنَّه حقٌّ فتتَّبعونه؟ ! ثمَّ أمرهم الله تعالى بالصَّوم والصَّلاة لأنَّهم إنَّما كان يمنعهم عن الإسلام الشَّره وخوف ذَهاب مأكلتهم وحب الرِّياسة فأُمروا بالصَّوم الذي يُذهب الشَّرَه وبالصًَّلاة التي تُورث الخشوع وتَنفي الكبر وأُريدَ بالصَّلاةِ الصَّلاةُ التي معها الإيمان بمحمد ﷺ فقال
1 / 102
﴿واستعينوا بالصبر﴾ يعني بالصَّوم ﴿والصلاة﴾ لأنَّها تنهى عن الفحشاء والمنكر ﴿وإنها لكبيرةٌ﴾ لثقيلةٌ (يعني: وإنَّ الإستعانةَ بالصبر والصلاة لثقيلةٌ) ﴿إلاَّ على الخاشعين﴾ السَّاكنين إلى الطَّاعة وقال بعضهم: رجع بهذا القول إلى خطاب المسلمين فأمرهم أَنْ يستعينوا على ما يطلبونه من رضاءِ الله تعالى ونيل جنَّتِهِ بالصَّبر على أداء فرائضه (وهو الصَّوم) والصَّلاة
﴿الذين يظنون﴾ يستيقنون ﴿أنهم ملاقوا ربِّهم﴾ أنَّهم مبعوثون وأنَّهم محاسبون وأنَّهم راجعون إلى الله تعالى أَيْ: يُصدِّقون بالبعث والحساب
﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عليكم﴾ مضى تفسيره ﴿وأني فضلتكم﴾ أعطيتكم الزِّيادة ﴿على العالمين﴾: على عالمي زمانكم وهو ما ذكره فِي قوله تعالى: ﴿إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ﴾ والمراد بهذا التَّفضيل سلفهم ولكن تفضيل الآباء شرف الأبناء
﴿الذين يظنون﴾ يستيقنون ﴿أنهم ملاقوا ربِّهم﴾ أنَّهم مبعوثون وأنَّهم محاسبون وأنَّهم راجعون إلى الله تعالى أَيْ: يُصدِّقون بالبعث والحساب
﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عليكم﴾ مضى تفسيره ﴿وأني فضلتكم﴾ أعطيتكم الزِّيادة ﴿على العالمين﴾: على عالمي زمانكم وهو ما ذكره فِي قوله تعالى: ﴿إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ﴾ والمراد بهذا التَّفضيل سلفهم ولكن تفضيل الآباء شرف الأبناء
1 / 103
﴿واتقوا يومًا﴾ واحذروا واجتنبوا عقاب يومٍ ﴿لا تجزي﴾ لا تقضي ولا تُغني ﴿نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شفاعة﴾ أَيْ: لا يكون شفاعةٌ فيكون لها قبول وذلك أنَّ اليهود كانوا يقولون: يشفع لنا آباؤنا الأنبياء فآيسهم الله تعالى عن ذلك ﴿ولا يؤخذ منها عدل﴾ فِداءٌ ﴿ولا هم ينصرون﴾ يُمنعون من عذاب الله تعالى
﴿وإذ نجيناكم﴾ واذكروا ذلك ﴿من آل فرعون﴾ أتباعه ومَنْ كان على دينه ﴿يسومونكم﴾: يُكلِّفونكم ﴿سوء العذاب﴾ شديد العذاب وهو قوله تعالى: ﴿يذبحون﴾: ويقتلون ﴿أبناءكم ويستحيون نساءكم﴾ يستبقوهن أحياءً (لقول بعض الكهنة له: إنَّ مولودًا يُولد في بني إسرائيل يكون سببا له ذهاب ملكه) ﴿وفي ذلكم﴾ الذي كانوا يفعلونه بكم ﴿بلاءٌ﴾: ابتلاءٌ واختبارٌ وامتحانٌ ﴿من ربكم عظيم﴾ وقيل: وفي تنجيتكم من هذه المحن نعمةٌ عظيمة والبلاء: النِّعمة والبلاء: الشِّدَّة
﴿وإذ فرقنا بكم البحر﴾ فجعلناه اثنى عسر طريقًا حتى خاض فيه بنو إسرائيل ﴿فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون﴾ إلى انطباق البحر عليهم وإنجائكم منهم
﴿وإذ نجيناكم﴾ واذكروا ذلك ﴿من آل فرعون﴾ أتباعه ومَنْ كان على دينه ﴿يسومونكم﴾: يُكلِّفونكم ﴿سوء العذاب﴾ شديد العذاب وهو قوله تعالى: ﴿يذبحون﴾: ويقتلون ﴿أبناءكم ويستحيون نساءكم﴾ يستبقوهن أحياءً (لقول بعض الكهنة له: إنَّ مولودًا يُولد في بني إسرائيل يكون سببا له ذهاب ملكه) ﴿وفي ذلكم﴾ الذي كانوا يفعلونه بكم ﴿بلاءٌ﴾: ابتلاءٌ واختبارٌ وامتحانٌ ﴿من ربكم عظيم﴾ وقيل: وفي تنجيتكم من هذه المحن نعمةٌ عظيمة والبلاء: النِّعمة والبلاء: الشِّدَّة
﴿وإذ فرقنا بكم البحر﴾ فجعلناه اثنى عسر طريقًا حتى خاض فيه بنو إسرائيل ﴿فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون﴾ إلى انطباق البحر عليهم وإنجائكم منهم
1 / 104
﴿وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة﴾ أَي: انقضاءَها وتمامَها للتَّكلُّم معه ﴿ثمَّ اتخذتم العجل﴾ معبودا وإلاها ﴿من بعده﴾ من بعد خروجه عنكم للميقات ﴿وأنتم ظالمون﴾ واضعون العبادةَ في غير موضعها وهذا تنبيه على أنَّ كفرهم بمحمَّدٍ ﷺ ليس بأعجب من كفرهم وعبادتهم العجل في زمن موسى ﵇
﴿ثمَّ عفونا﴾ محونا ذنوبكم ﴿عنكم من بعد ذلك﴾ من بعد عبادة العجل ﴿لعلكم تشكرون﴾ لكي تشكروا نعمتي بالعفو
﴿وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان﴾ (عطف تفسيري) يعني: التَّوراة الفارق بين (الحق والباطل) والحلال والحرام ﴿لعلكم تهتدون﴾ لكي تهتدوا بذلك الكتاب (من الضلال)
﴿وإذ قال موسى لقومه﴾ الذين عبدوا العجل ﴿يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾ إلاها ﴿فتوبوا إلى بارئكم﴾ يعني: خالقكم قالوا: كيف نتوب؟ قال ﴿فاقتلوا أنفسكم﴾ أَيْ: ليقتلِ البريءُ منكم المجرمَ ﴿ذلكم﴾ أَي: التَّوبة ﴿خيرٌ لكم عند بارئكم﴾ من إقامتكم على عبادة العجل ثم فعلتم ما أُمرتم به ﴿فتاب عليكم﴾ قبل توبتكم ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾
﴿ثمَّ عفونا﴾ محونا ذنوبكم ﴿عنكم من بعد ذلك﴾ من بعد عبادة العجل ﴿لعلكم تشكرون﴾ لكي تشكروا نعمتي بالعفو
﴿وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان﴾ (عطف تفسيري) يعني: التَّوراة الفارق بين (الحق والباطل) والحلال والحرام ﴿لعلكم تهتدون﴾ لكي تهتدوا بذلك الكتاب (من الضلال)
﴿وإذ قال موسى لقومه﴾ الذين عبدوا العجل ﴿يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ﴾ إلاها ﴿فتوبوا إلى بارئكم﴾ يعني: خالقكم قالوا: كيف نتوب؟ قال ﴿فاقتلوا أنفسكم﴾ أَيْ: ليقتلِ البريءُ منكم المجرمَ ﴿ذلكم﴾ أَي: التَّوبة ﴿خيرٌ لكم عند بارئكم﴾ من إقامتكم على عبادة العجل ثم فعلتم ما أُمرتم به ﴿فتاب عليكم﴾ قبل توبتكم ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾
1 / 105
﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ﴾ يعني: الذين اختارهم موسى ﵇ ليعتذروا إلى الله سبحانه من عبادة العجل فلمَّا سمعوا كلام الله تعالى وفرغ موسى من مناجاة الله ﷿ قالوا له: ﴿لن نؤمن لك﴾ لن نصدِّقك ﴿حتى نرى الله جهرةً﴾ أَيْ: عِيانًا لا يستره عنا شيءٌ ﴿فأخذتكم الصاعقة﴾ وهي نارٌ جاءت من السَّماء فأحرقتهم جميعًا ﴿وأنتم تنظرون﴾ إليها حين نزلت وإنَّما أخذتهم الصَّاعقة لأنَّهم امتنعوا من الإِيمان بموسى ﵇ بعد ظهور معجزته حتى يُريهم ربَّهم جهرةً والإيمانُ بالأنبياء واجبٌ بعد ظهور معجزتهم ولا يجوز اقتراح المعجزات عليه فلهذا عاقبهم الله تعالى وهذه الآية توبيخٌ لهم على مخالفة الرسول ﷺ مع قيام معجزته كما خالف أسلافهم موسى مع ما أتى به من الآيات الباهرة
﴿ثم بعثناكم﴾ نشرناكم وأَعدْناكم أَحياءً ﴿من بعد موتكم لعلكم تشكرون﴾ نعمة البعث
﴿ثم بعثناكم﴾ نشرناكم وأَعدْناكم أَحياءً ﴿من بعد موتكم لعلكم تشكرون﴾ نعمة البعث
1 / 106