Другая сторона Христа: позиция Иисуса по отношению к иудаизму – введение в гностицизм
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
Жанры
سوف يعتمد استقصائي للوجه الآخر للمسيح على أسفار العهد الجديد نفسها؛ لأنها بقيت تحتفظ بخطوط واضحة وقوية من هذا الوجه على الرغم من المداخلات اليهودية واللمسات التحريرية التوفيقية، وفي الوقت نفسه أعقد صلة بين ما تحصل لدي من قراءة الأناجيل الأربعة وصورة يسوع كما رسمتها الأناجيل والنصوص الغنوصية، التي جرى إتلافها في القرن الرابع الميلادي عقب حملات التصعيد التي تعرضت لها، ولم يبق منها سوى ترجمات قبطية دفنت في صحراء الصعيد، ولم تكتشف إلا بعد مرور ألف وخمسمائة سنة، وبما أن منطقة الجليل كانت المسرح الذي شهد مولد يسوع، وفيها عاش كل حياته وبشر برسالته، فإننا سوف نولي هذه المنطقة اهتماما خاصا من الناحية الإثنية والثقافية والدينية، ونتقصى صلتها التاريخية بيهوذا والسامرة، ثم بمقاطعة اليهودية التي نشأ وتطور فيها الدين اليهودي، وذلك في محاولة لإلقاء الضوء على خلفية يسوع الثقافية، وعلاقته باليهود واليهودية.
قبل الشروع في قراءة الفصل الأول من هذا الكتاب أنصح القارئ بقراءة سيرة يسوع كما وردت في إنجيل مرقس ، والتي خصصت لها ملحقا في آخر الكتاب، وقد اخترت إنجيل مرقس بالذات بسبب قصره واختصاره وبعده عن التطويل، فهو يقدم سيرة يسوع في خطوطها العامة دون الخوض في كثير من التفاصيل التي وردت في الأناجيل الأخرى. إن قراءة هذا الإنجيل، أو أي إنجيل آخر يختاره القارئ، من شأنها تزويده بمزدلف سهل إلى الجو العام لهذا الكتاب، وقد اعتمدت الترجمة الكاثوليكية الجديدة للعهد الجديد الصادر في بيروت عام 1969م، وهي بمثابة تشذيب للترجمة الأقدم، لجعلها أقرب إلى العربية العصرية، ولاستيعاب القارئ الذي لم يعد قريب الصلة بأساليب الكتابة القديمة ومصطلحاتها، وهذه الترجمة هي التي اقتبست منها معظم شواهدي الإنجيلية في هذا الكتاب، مع الاستعانة بالترجمة البروتستانتية عندما أجد الجملة فيها أكثر فصاحة.
فراس السواح
حمص، حزيران (يونيو) 2004م
الفصل الأول
في الأناجيل الأربعة ومؤلفيها ورسالتها
لم يترك يسوع أثرا مكتوبا، بل تعاليم شفوية وسيرة حياة، لقد تكلم وعاش وكانت الجماعات المسيحية الأولى تتناقل أقواله وسيرة حياته كما وصلت إليها عن طريق تلاميذ يسوع الذين رأوه وسمعوه، ومارسوا تبشيرهم وهم تحت تأثير شخصيته وطريقة عيشه وأعماله. وعندما مات معظم أفراد هذا الجيل حاملين معهم ذكرياتهم وانطباعاتهم المباشرة، وطفت على السطح الخلافات والتناقضات داخل الكنيسة الأولى، ظهرت الحاجة إلى تدوين سيرة يسوع وتعاليمه، بهدف تثبيت المعتقد المسيحي من جهة، وتوكيد وجهة نظر هذه الجماعة أو تلك من جهة أخرى، ويبدو أن إنجيل مرقس كان أقدم الأناجيل، حيث يجمع دارسو العهد الجديد على أنه قد دون نحو عام 70م، تلاه إنجيلا متى ولوقا اللذان دونا خلال الفترة الواقعة بين عامي 70 و90م، ثم إنجيل يوحنا الذي دون في زمن ما خلال الفترة الواقعة بين عام 90 وعام 110م.
إلى جانب هذه الأناجيل الأربعة، التي اعتبرت وحدها قانونية فيما بعد، فقد تداول المسيحيون خلال القرون الأولى الميلادية عددا كبيرا من الأناجيل والرؤى والأعمال التي دعيت منحولة فيما بعد، ومنع المسيحيون من قراءتها وتداولها، تتضمن الكتابات المنحولة روايات عن ميلاد يسوع وطفولته ويفاعته، مما يغطي الفترة التي تجاهلتها الأناجيل الأربعة من حياة يسوع ، وروايات عن مريم العذراء وميلادها وحياتها، وأخرى عن تاريخ يوسف النجار، وغيرها من الموضوعات التي كان الخيال الشعبي والتقوى المسيحية البسيطة بحاجة إليها، وعلى الرغم من بقاء هذه الكتابات المنحولة على هامش العهد الجديد، فإنها مارست تأثيرا كبيرا على الفن التشكيلي المسيحي، والموسيقى الكنسية، والمناسبات والأعياد الدينية، إن مغارة الميلاد التي ما زالت تصور حتى يومنا هذا على بطاقات أعياد الميلاد ورأس السنة، ليست إلا تقليدا باقيا من تقاليد الميلاد المنحولة.
إلى جانب هذه المؤلفات المنحولة ذات الطابع التقوي الشعبي، ظهر نوع آخر من الأناجيل والمؤلفات الغنوصية أحدثت شرخا حقيقيا في الكنيسة المبكرة، وإذا كانت الكنيسة القويمة
1
Неизвестная страница