Обман постоянства: чтения и исследования в философии и психологии
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Жанры
هي أن يعطي كل الحيوانات أسماء.
لا عجب إذن - في رأي ماير - أن تنتظر البشرية داروينها حتى أواسط القرن التاسع عشر. ولكي نجسد كم هي مضادة نظريته للماهوية فلننظر ما يلي: من وجهة نظر التفكير المجتمعي/السكاني التطوري، فإن كل حيوان موصول بكل حيوان آخر؛ الأرنب مثلا بالنمر، بسلسلة من الحيوانات الوسطى حيث كل حيوان يشبه تاليه بحيث يمكن لكل وصلة معاشرة جارتها في السلسلة وإنتاج ذرية خصبة، هذا انتهاك للتابو الماهوي ما بعده انتهاك. وهذا واقع وليس تجربة فكرية غامضة خيالية؛ فمن وجهة نظر تطورية ثمة حقا سلسلة من الحيوانات الوسطى تصل الأرنب بالنمر كل حيوان منها عاش وتنفس، وكل حيوان منها كان حقيقا أن يندرج تماما في نفس النوع الذي ينتمي إليه جاراه على جانبي المتصل الانزلاقي الطويل. فكل حيوان في السلسلة هو حقا ابن جاره الذي على جانبه ووالد جاره الذي على الجانب الآخر. ورغم ذلك فالسلسلة كلها تشكل جسرا متصلا من الأرنب إلى النمر (رغم أنه لم يوجد قط، كما سوف نرى، «أرنب- نمر»). وهناك جسور شبيهة من الأرنب إلى الحصان، ومن النمر إلى سرطان البحر، ومن كل حيوان (أو نبات) إلى كل حيوان آخر. لعلك ساءلت نفسك: لماذا تترتب هذه النتيجة المروعة بالضرورة من رؤية العالم التطورية؟ ولكن لأفصح عنها على كل حال سأطلق عليها تجربة دبوس الشعر: (البنسة) الفكرية. خذ أرنبة - أي أرنبة (لنلتزم جزافيا بالإناث على سبيل التيسير: وهو لا يؤثر على الحجة أدنى تأثير) - وضع أمها تالية لها، والآن ضع جدتها تالية لأمها، وهكذا رجعا في الزمن، رجعا خلال ملايين الأعوام، في خط يبدو لا نهاية له من إناث الأرانب، كل منها محصورة بين ابنتها وأمها. ونحن الآن نسير على خط من الأرانب رجعا في الزمن متفحصين إياها بدقة كقائد يتفقد الجند. سنلاحظ في النهاية - ونحن نخطو على هذا الخط - أن الأرانب القديمة التي نمر بها مختلفة اختلافا طفيفا عن الأرانب الحديثة التي اعتدنا عليها. على أن معدل التغير سيكون من البطء بحيث لن نلحظ الاتجاه من جيل إلى جيل، تماما مثلما لا يمكننا أن نرى حركة عقرب الساعات في ساعات يدنا، وتماما مثلما لا يمكننا أن نرى طفلا وهو يكبر (لا يمكننا إلا لاحقا أن نراه وقد أصبح مراهقا، ثم فيما بعد راشدا).
ورغم ذلك فإذا مضينا القهقرى خلال الزمن - باطراد وتدرج - سوف نصل إلى أسلاف تبتعد شيئا فشيئا عن هيئة الأرنب وتقترب شيئا فشيئا إلى هيئة الزبابة.
2
إحدى هذه المخلوقات سأسميه منحنى أو منعطف البنسة؛ لأسباب سوف تتضح. هذا الحيوان هو السلف العام الأحدث الذي تشارك فيه الأرانب النمور.
نحن لا نعرف بالضبط ماذا يشبه هذا المخلوق، ولكن يترتب من وجهة النظر التطورية أنه لا بد أن يوجد. وكان - شأن جميع الحيوانات - عضوا في نفس النوع الذي تنتمي له بناته وأمه. نحن الآن نستمر في طريقنا؛ غير أننا قد اجتزنا منعطف الدبوس ونمضي الآن قدما في الزمن متجهين صوب النمور (من بين أخلاف الدبوس العديدين والمتنوعين؛ ذلك أننا سوف نقابل تشعبات في الخط باستمرار، حيث نختار بثبات ذلك التشعب الذي سيفضي في النهاية إلى النمور) وكل حيوان شبيه بالزبابة على طول المسار المتجه أماما هو الآن متبوع بابنته. وبالتدريج وبمراحل غير مدركة سوف تتغير الحيوانات الشبيهة بالزبابة عبر حيوانات وسطى قد لا تشبه كثيرا أي حيوان حديث، ولكن يشبه كل منها الآخر بشدة، حتى نصل في النهاية - دون أن نلحظ أي تغير مفاجئ من أي نوع - إلى النمر.
ثمة عدة أشياء يجب أن تقال عن هذه التجربة الفكرية:
أولا:
أننا قد تصادف أن اخترنا الطريق من الأرنب إلى النمر، ولكن كان من الممكن أن نختار الطريق من الشيهم إلى الدولفين، أو من الكنغر إلى الزراف، أو من الإنسان إلى أسماك الحدوق. زبدة القول: أن بين أي حيوانين ثمة بالضرورة طريق بنسي؛ لسبب بسيط هو أن كل نوع يشارك كل نوع آخر في سلف ما: كل ما علينا فعله هو أن نمضي القهقرى من النوع إلى السلف المشترك ثم ننثني خلال ثنية الدبوس ونمضي قدما إلى النوع الآخر .
ثانيا:
Неизвестная страница