Оазисы жизни: автобиография: часть первая
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
Жанры
transnational corporations
إذ قالت إن شركة «شل» مثلا هولندية وبريطانية معا، وإن مبيعاتها السنوية تزيد على عشرة آلاف مليون جنيه استرليني ، وهالني الرقم وكتبته في مذكرتي، وعندما انتهت سألتها إن كان الرقم صحيحا فأشارت إلى صحيفة في يدها تضع هذه الشركة بين أغنى عشر شركات في العالم، وجاء دوري للحديث عن الشرق الأوسط.
كنت أشعر أن السياسة قد فرضت علي فرضا، وأن اهتماماتي اللغوية والأدبية لن تنفصل بعد اليوم عما يجري في العالم، وأن قدري في الغربة أن أعيش - كما يقول التعبير الإنجليزي - «فوق قمة الأحداث» لا داخلها؛ فالذي يعيش في بلده يعرف أنه واحد من ملايين، وأنه لا طاقة له على تغيير مسارها، أما في الغربة فالمرء يتصور أنه يعرف أكثر من أهل البلد، ويتحدث في الشئون العامة حديث من يعتد برأيه حتى ولو لم يملك القدرة على تغييرها، وكنت قد استمعت إلى خطاب ألقاه عبد الناصر قبل عشرة أيام تقريبا يوجه فيه أصابع الاتهام إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ويؤكد دورها في الحرب، ولا شك أن أحاديث الرئيس الأمريكي جونسون آنذاك كانت تشي بمعرفة ما لا يعرفه إلا أهل الاستخبارات، وكانت الصحف الإنجليزية تنقل عن الصحف الأمريكية بعض المعلومات التي تعد في مصر من الأسرار العسكرية، فعرضت على المجتمعين وجهة نظري وهي أن الهجوم الإسرائيلي على مصر وسوريا والأردن يمثل محاولة من الغرب لإيقاف مسيرة النهضة، وأن له أبعاده الثقافية التي لا تنفصل عن الأبعاد الاقتصادية والسياسية، ودفعني الحماس إلى أن أقول إن أمام العرب حرب بقاء، وإن بذل الروح في سبيلها يهون، ويبدو أنني انفعلت وتهدج صوتي فأشرت إلى أحد الأنباء الصحفية التي تقول إن رونالد ريجان حاكم كاليفورنيا آنذاك نصح جونسون بالتلويح باستخدام القنبلة الذرية في فيتنام، وقلت للحاضرين كيف تقبلون الحديث عما تسمونه «محرقة» اليهود في ألمانيا النازية وتنسون محرقة الفيتناميين؟
ولم ينقض يومان حتى هاجم الإسرائيليون مصنع تكرير البترول بالسويس، وبدءوا حملة لمهاجمة مدن القناة، وبقية الأحداث معروفة، ولكن كل نبأ يأتي من الوطن كان يعتصر النفس اعتصارا، وكنت أتطلع في بطاقات «الصور الشعرية» التي أعكف على تحليلها في الرسالة فلا أجد فيها إلا الخواء ! ولم أعد أطيق المناقشات، وكنت أسير في الشارع فأجد الفتيات يعلقن صورة موشى ديان ذي العصابة حول إحدى العينين، بل وجدت بعض الإنجليزيات ممن كنت أعرف إخلاصهن المسيحي قد اشترين نجمة داود وصرن يتباهين بها! ودخلت مكتبة ذات يوم بالقرب من المبنى الرئيسي للجامعة، وجعلت أتصفح الكتب، ثم لمحتني إحدى البائعات فجاءت تسألني إن كنت من مصر، ولم أكد أومئ حتى قالت: «كيف تسمحون لليهود بذلك؟ إنهم كلاب الأرض!» ولم أجد ما أرد به عليها، وسرعان ما جاءت فتاة أخرى وجعلت تحكي كيف يتآمر اليهود لإغلاق محل
C &A
الهولندي الأصل متهمين أصحابه بأنهم يعادون اليهود (معاداة السامية)، بل وأسهبت في عتابي كأنما كنت المسئول عن الهزيمة! ولم أشتر كتبا بل خرجت مهموما، وعلمت عند عودتي أنني أستطيع الابتعاد عن ذلك كله إذا انتقلت إلى شقة مستقلة، وخصوصا بعد أن قدمت نهاد طبا لدراسة «الماجستير» في جامعة
Sussex
في جامعة جنوب إنجلترا، ولم يعد عليها أن تعمل، وخصوصا بعد أن تعثر عملي في الرسالة شهورا طويلة. وكانت الشقة في منزل مجاور لمنزل أسقف سابق هو
Bishop Creighton
ولذلك أسموه منزل الأسقف كرايتون تيمنا به، وكان إيجار الشقة المستقلة ثمانية وعشرين جنيها، فقدمت طلبا، وفي نوفمبر جاءني الرد، وكان بالقبول.
Неизвестная страница