310

Вефа Вефа

وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى‏ - الجزء1

Издатель

دار الكتب العلمية

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٩

Место издания

بيروت

ولأحمد والترمذي من وجه آخر عن أبي سعيد: اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد النبي ﷺ، فسألاه عن ذلك، فقال: هو هذا، وفي ذلك- يعني مسجد قباء- خير كثير، وأخرجه أحمد من وجه آخر مرفوعا، وفي العتبية عن مالك ما لفظه: وقال: المسجد الذي ذكر الله ﷿ أنه أسس على التقوى من أول يوم الآية هو مسجد رسول الله ﷺ هذا، أي مسجد المدينة، ثم قال: أين كان يقوم رسول الله ﷺ؟ أليس في هذا؟ ويأتونه أولئك من هنالك.
وقد قال الله ﷾: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِمًا [الجمعة: ١١] فإنما هو مسجد رسول الله ﷺ.
وقد قال عمر بن الخطاب: لولا أني رأيت رسول الله ﷺ أو سمعته يريد أن يقدم القبلة، وقال عمر بيده هكذا، ما قدمتها، ثم قدمها عمر موضع المقصورة الآن، انتهى.
قال ابن رشد في بيانه: ما ذهب إليه مالك مروى عن النبي ﷺ، وذهب قوم إلى أنه مسجد قباء، فاستدلوا بما روي أن الآية لما نزلت قال رسول الله ﷺ: يا معشر الأنصار، إن الله قد أثنى عليكم خيرا، الحديث، قال: ولا دليل فيه؛ لأن أولئك كانوا في مسجد رسول الله ﷺ؛ لأنه كان معمورا بالمهاجرين والأنصار ومن سواهم، قال: واستدلال مالك بقول عمر المتقدم ظاهر؛ لأن الله تعالى لما ذكر فيه أنه أسس على التقوى لم يستجز نقض بنائه وتبديل قبلته، إلا بما سمع من رسول الله ﷺ في ذلك ورآه قد أراد أن يفعله.
قلت: ما ذكره مالك من كون مسجد المدينة هو المراد هو ظاهر ما قدمناه، لكن قوله تعالى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ يقضي أنه مسجد قباء؛ لأنه ليس المراد أول أيام الدنيا، بل أول أيام حلوله ﷺ بدار الهجرة، وذلك هو مسجد قباء إلا أن يدعى أن النبي ﷺ شرع في تأسيس مسجد المدينة أيضا من أول يوم قدومه لها، أو يقال: المراد من أول يوم تأسيسه، وسيأتي في مسجد قباء أشياء صريحة في أنه المراد؛ فتعين الجمع بأن كلا منهما يصدق عليه أنه أسس على التقوى من أول يوم تأسيسه كما هو معلوم، وأنهما المراد من الآية، لكن يشكل عليه كون النبي ﷺ أجاب عند السؤال عن ذلك بتعيين مسجد المدينة، وجوابه أن السر في ذلك أنه ﷺ أراد به رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء كما هو ظاهر ما فهمه السائل، وتنويها بمزية مسجده الشريف لمزيد فضله، والله أعلم.
فضل مسجد رسول الله ﷺ
وفي الصحيحين حديث أبي هريرة «لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى» .
وعند مسلم: «إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد: الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء» .

2 / 21