Достоинства сподвижников - Мухаммад Хасан Абд аль-Гаффар
فضائل الصحابة - محمد حسن عبد الغفار
Жанры
أهمية الاقتداء بالصحابة
والإنسان إذا أراد أن يرتقي فلا بد أن يكون له قدوة، وهذه القدوة إما أن تكون مازالت حية، وإما أن تكون قد ماتت وبشرت بالجنة، وهؤلاء الصحابة قد مشوا على الأرض وبشرهم الله بالجنة، فعلينا أن نعلم أنفسنا أولًا ثم نعلم أبناءنا ونساءنا أدب الصحابة وخلقهم واتباعهم وجهادهم ونفقتهم حيث باعوا أنفسهم بحق وصدق لله جل في علاه، وائتمروا بأمر النبي ﷺ، فهذا أبو بكر الصديق ﵁ وأرضاه ضرب لنا أروع الأمثلة في التصديق واليقين في الله، واليقين في موعود رسول الله ﷺ عندما جاء القوم إلى رسول الله ﷺ يسألونه في سخرية: أين كنت البارحة؟ فقال: أسري بي إلى بيت المقدس، فقام أبو جهل يضحك يقول: ذهبت إلى بيت المقدس ورجعت هذه الليلة؟! فيقول: نعم، فيذهب أبو جهل ويجتمع مع القوم ويقول: الآن ينفض المجلس ونذهب إلى أبي بكر -لأنهم يعلمون أن أبا بكر يعلم أن الإبل لا تضرب إلى بيت المقدس ليلة واحدة، بل في شهر ذهابًا، وشهر إيابًا- فذهبوا إلى أبي بكر الصديق فقالوا: أرأيت ما قال صاحبك؟! -والصحابة ما اصطفاهم الله إلا على علم عنده ﷾، كشف عن القلوب فعلم الصدق والنقاء فاختارهم لنبيه ﷺ فقال: ماذا يقول؟ فقالوا: يقول: إنه كان البارحة في بيت المقدس وجاء الليلة هنا عندنا! قال: أقال ذلك؟ قالوا: نعم قال ذلك.
قال: والله لقد صدق، ثم بين بنقاء قلبه وصدق لهجته ما يعقله الإنسان، فقال: إني أصدقه فيما هو أكثر من ذلك أصدقه في وحي ينزل عليه من السماء.
وعمر بن الخطاب ﵁ وأرضاه كان متيقنًا بالله جل في علاه عندما ذهب إلى بيت المقدس، وكانت التوراة مكتوب فيها صفة عمر بن الخطاب، وأنه هو الذي سيفتح بيت المقدس، ولذلك لما استعصى على المسلمين فتح بيت المقدس بعث أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر: أن تعال لعل الله جل وعلا يفتح على يديك، فمنعه كثير من الصحابة منهم علي وعثمان وقالوا: أنت أميرنا فلا تذهب، فقال: والله لأذهبن.
فذهب عمر ﵁ وأرضاه فاستقبل مخاضة، فأخذ نعليه تحت إبطيه -تأبط نعليه- فقال له أبو عبيدة بن الجراح وكان أحب الناس إلى عمر: يا أمير المؤمنين! ما أحب أن القوم يروك على هذه الهيئة تتأبط نعليك وتسير حافيًا أمامهم، فقال: يا أبا عبيدة! والله لو قالها غيرك لأدبته على ما يقول، لقد كنا أذل قوم فأعزنا الله بهذا الدين، ولو ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله.
إن هؤلاء الصحابة هم منارات لنا، وهم القدوة بحق، فنحن نتكلم عن الصحابة ونتدبر أحوالهم حتى نعيش الإيمانيات التي كانوا يعيشونها، فنحن أشباح بلا أرواح، فمن منا جلس وحده عندما ينام فدمعت عينه من خشية الله؟! ومن منا تذكر نعمة من نعائم الله عليه فشكر الله، فلما شكر الله فاضت عيناه؟! ومن منا تذكر أنه لو كان في الفردوس الأعلى فإنه سيصاحب رسول الله فيأخذ بيده ويسير معه على شط النهر فيشرب معه العسل، ثم يذهب زائرًا لربه فيرى وجهه؟ من منا يتدبر هذا؟! فهم كانوا يتدبرون ذلك، ولذلك أنس كان يخشى ما يخشاه أن ينزل درجة عن النبي ﷺ، فلما قال رسول الله: (المرء مع من أحب) قال: والله ما فرح صحابة رسول الله فرحًا أشد من فرحهم بهذا الحديث.
فنحن إنما نتدبر أحوال الصحابة لنعيش إيمانيات الصحابة؛ لأن هذه الأمة لا بد لها من أن ترجع إلى هذه الإيمانيات، ولذلك نقول: الرعيل الأول الذكي النقي قادوا وسادوا في مدة وجيزة من عمر الزمن؛ لأنهم علموا أن الله حق، وتعلموا خشية الله، والإحسان في عبادة الله جل وعلا والرقابة لله، فـ عمر ﵁ نفسه عندما كان يقول لـ عبد الرحمن بن عوف ﵁: الأمر من هاهنا لا من هاهنا، كأنه يقول لنا: اسمعوا واعلموا أنه لو تكالبت عليكم الدنيا بأسرها وأنتم على يقين من أنكم على الحق وأنكم متمسكون بكتاب الله وسنة النبي ﷺ والله لو اجتمع عليكم من بأقطارها فلن يضروكم لأنكم مع الله ومع رسول الله، فالأمر من هاهنا يدبر، يعني: من صاحب العرش، ممن استوى على عرشه ويدبر أمر خلقه، فالأمر من هاهنا لا من هاهنا، فهي عبادة الرقابة، وعبادة الإحسان: إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولقد مر عمر على امرأة تقول لابنتها: يا ابنتي! أخلطي اللبن بالماء، فلا أحد يرانا، فقالت البنت: إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا، فاصطفاها عمر زوجة لابنه، فأنجبت من ذريتها عمر بن عبد العزيز الذي أشرقت شمسه على سماء الإسلام، وكان أعدل الناس في زمانه، ما ترك مسلمًا ولا نصرانيًا ولا أحدًا إلا وأعطاه من بيت مال المسلمين، فـ عمر بن عبد العزيز ﵁ وأرضاه ثمرة من ثمرات عبادة الإحسان لله جل في علاه.
نحن ننطلق بإذن الله من فضائل الصحابة لنتدبر كيف آمنوا؟ وكيف استيقنوا في ربهم؟ وكيف استنوا بسنة النبي ﷺ؟ لعلنا نتخذهم قدوة فيعلو إيماننا، فنرتقي إلى ربنا، ويأخذ كل منا بيد أخيه إلى طريق الجنة، فإنه يسير على من يسره الله عليه، وقد قال النبي ﷺ: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له)، فمن جلس في مجالس العلم فهذا هو التيسير له، ومن أنفق في سبيل الله، وكف لسانه عن إخوانه فهذا ميسر له، ومن اغتاب الناس وأكل في لحوم الناس، وأقسم بالله كذبًا، وتجرأ على حدود الله فهذا ميسر له، فليخش كل امرئ على نفسه، ويقول كما قال عمر وهو يطوف بالكعبة: اللهم إن كنت قد كتبتني عندك شقيًا فامحها واكتبني عندك سعيدًا، اللهم اجعل كل المسلمين من السعداء وأدخلنا جميعًا الجنة.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
1 / 5