Культурные основы наций: иерархия, завет и республика
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Жанры
من الممكن استنتاج أمرين إضافيين؛ الاستنتاج الأول هو: الأهمية الحيوية للسياسة والكيانات السياسية؛ فكل حالة من الحالات التي تناولناها نشأت من رحم أحد الأنظمة السياسية - إما إمبراطورية بيروقراطية وإما ملكية متوارثة عن الأسلاف - وكانت الأيديولوجية السياسية والعمل السياسي ضروريين لتكوين «العرقيات»، والأمم بصفة أخص. ومن جانب آخر، ففي اليونان القديمة حال دون تكوين أمة إغريقية ضعف الأيديولوجية الهيلينية الجامعة وعدم وجود إطار سياسي واحد في مواجهة الوطنية الحصرية والتضامن الحصري ل «الدول المدن»، ومن باب أدعى أن يكون ذلك ما حال أيضا دون تكوين أمة فينيقية أو أمة سومرية؛ لذلك، لا بد من إبراز أهمية الأيديولوجية السياسية والمؤسسات في تكوين الأمم.
لكن الأمر نفسه لا بد أنه ينطبق بالمثل على المعتقدات والعبادات الدينية. فعلى الرغم من أن الفرس والآشوريين كانت لديهم، بطبيعة الحال، عبادات ومثل خاصة بهم، فإنهم فشلوا إما في توحيد الشعوب الخاضعة لهم حول تلك المعتقدات والعبادات، وإما في التسامح العلني مع وجود الآلهة والعبادات المحلية. وعلى أي حال، لا يمكن أن يكون الدين هو لحمة التضامن الاجتماعي. من ناحية أخرى، في مصر ومملكة يهودية كانت التصورات والأخلاقيات والطقوس الدينية العناصر التي ربطت بين الوعي القومي والتماسك الاجتماعي. وإنه لصحيح أن عامة الشعب في مصر في الفترات الأخيرة من الحكم الأجنبي كانوا بعيدين عن دين المعبد ولغة الكهنة والنبلاء، وكانت النتيجة أنه في الفترة الرومانية أحرزت ديانات منافسة مثل المسيحية تقدما هائلا على حساب الدين المصري التقليدي الذي كان يعتمد على قوة الفرعون الإله. ومن ناحية أخرى، ففي مملكة يهودية، كان الدين الأصلي المتمثل في الرب والتوراة والهيكل - مضافا إليه معتقد العهد وما يرتبط به من أساطير الاختيار الإلهي وأرض الميعاد - من الممكن تجديده باستمرار من خلال التفسيرات الجديدة المتنوعة وتزايد احتواء الشعب، لا سيما بعد ثورة المكابيين وظهور الفريسيين. وقد كان هذا الشكل من الدين المتجدد ذاتيا - في الديانات التوحيدية الثلاث - هو ما أثر تأثيرا قويا على تكوين الأمم لاحقا.
الفصل الرابع
الأمم الهرمية
إذا كان الشرق الأدنى القديم لم يقدم للأمم إلا القليل، فإنه كان ثريا في أنواع التراث الثقافي التي خلفها للمجتمعات والحقب التالية. وانعدام العمليات والمصادر المفضية إلى تكوين الأمم لا يسمح لنا برفض التجربة الاجتماعية والثقافية للشرق الأدنى والعالم اليوناني الروماني القديم باعتبار أنها غير مثيرة للاهتمام وغير مهمة. وبعيدا عن ذلك، فقد كانت التجربة مهمة؛ لأنها قدمت مثالا ونموذجا للمجتمع العرقي الذي تكون في تلك الحقبة، ولأنها تركت أنواعا من التراث الثقافي أدى إلى تكون الأمم. كما رأينا، كانت العرقية منتشرة وكان دورها مزدوجا. من ناحية، كانت متداخلة مع أنواع أخرى من الهويات الجمعية والمجتمعات، ومن ناحية أخرى، أصبحت في حد ذاتها نوعا مهما، بل أساسيا، من الهويات والمجتمعات، تتكون في أغلب الأحيان الاتحادات «القبلية». لقد ناقشت الأسس العرقية للأمم سابقا في الكتاب؛ لذلك أريد أن أركز هنا على الجانب الثاني لتجربة العصور القديمة، والمتمثل في «أشكال التراث» في الثقافة الجمعية التي كان لها أثر كبير للغاية في تكوين الأمم في الحقب التالية وتشكيلها. (1) الأنواع الثلاثة للثقافة العامة
يمكننا البدء بالتمييز بين الأنواع الثلاثة الرئيسية للثقافة العامة الجمعية على النحو التالي: النوع الهرمي، والنوع العهدي، والنوع الجمهوري المدني.
إن «الهرمية» - في معناها العام - باعتبارها نوعا من التسلسل المقدس، يمكن أن تشير إلى معظم أنواع المجتمعات والدول، لكن بمعناها الأكثر تحديدا فإنها تشير إلى تسلسل مقدس إلى حد يصل إلى الاعتقاد في أنها تعكس وتجسد التسلسل السماوي على الأرض. يوجد نوعان فرعيان لهذا النوع من التسلسل المقدس؛ في النوع الأول يكون الحاكم نفسه إلها، ويعاونه مجموعة من الكهنة والنبلاء الذين يشاركونه بعضا من قداسته. تمثل مصر القديمة النموذج الأولي في هذا الصدد؛ إذ كان الفرعون يعتبر إلها وتجسيدا للإلهة «ماعت» التي تمثل الحق والصدق، وعلى مدار فترات طويلة أثر الكهنة، لا سيما كهنة آمون رع، تأثيرا هائلا في المجتمع المصري. في النوع الفرعي الثاني والأكثر شيوعا، كان الملك مندوب الإله على الأرض، يتلقى سلطة حكمه من الإله، ويصدر الأوامر باسمه، ومع ذلك كانت ثمة إمكانية ترسيم ذلك الملك نفسه إلها. وكان هذا النوع من التراتبية الهرمية يميز الإمبراطوريات المتعاقبة في مجتمع بلاد الرافدين من سرجون الأكدي وحتى الفرس الأخمينيين، وترمز له مسلة حمورابي الشهيرة التي تظهر ملك بابل يتلقى شريعته من شماش: إله الشمس.
1
سيكون من الخطأ تخيل أن المجتمع المحكوم بمبدأ الهرمية كان مجتمعا ثابتا. حتى في حالة مصر، كان الوضع يتأرجح ما بين حقب يشتد فيها عضد الإدارة المركزية، وفترات «وسطى» من الحكم المركزي الضعيف، متمثلا على الأغلب في الأسر المتنافسة والسلطة الممزقة الموضوعة في يد حكام الأقاليم. علاوة على ذلك، استطاعت فترات حكم الأسر القوي أن تخلق توسعا جديدا؛ فقد خالط مفهوم الهرمية شعور قوي بالعرقية المصرية، ولا سيما بين النخبة، واتخذ ذلك الشعور شكل التوسع الاقتصادي وحتى الغزوات، في النوبة وفلسطين. وكما نرى، فالأمر نفسه ينطبق على بلاد الرافدين، فالآشوريون بصفة خاصة - من خلال الجمع بين الهرمية والإحساس القوي بالهوية العرقية المشتركة - تمكنوا من توسيع أراضيهم، في حين زودت النخبة الآشورية مواردها الاقتصادية وتقدمها الثقافي بصورة أساسية من خلال الاقتراض والتطويع الثقافيين. في كلتا الحالتين، يمكننا استنتاج تزايد اعتقاد النخبة بالتفوق العرقي والسياسي، على الأقل كمبرر لغزو الأجانب واستغلالهم، على الرغم من أنه لم يكن كافيا على المدى الطويل لتأمين بقاء هذا النوع من الدولة العرقية والحضارة العرقية. ورغم ذلك، ثبت أن مبدأ الهرمية سيمثل نوعا مهما من أنواع الثقافة العامة العرقية في حقب لاحقة، وأثبت تأثيره الحيوي في تشكيل الأمم.
2
Неизвестная страница