Культурные основы наций: иерархия, завет и республика
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Жанры
18
إلا أنه سواء اتفقنا مع اعتقاد إدوين كوهين وأفييل روشولد بأن أثينا يمكن أن تعتبر أمة ودولة قومية، فإن «الدولة المدينة» الإغريقية تركت تراثا ثقافيا مهما للعصور والدول اللاحقة. ويرجع السبب وراء ذلك من ناحية إلى طريقة استخدام الإسكندر المقدوني وخلفائه للدولة المدينة كنموذج لنشر الثقافة الهيلينية في الشرق الأدنى، ويرجع من ناحية أخرى إلى أن الولاء الشديد ل «الدولة المدينة» قد تشكل من شبكات هيلينية ثقافية ودينية مشتركة أوسع نطاقا؛ ونتيجة لذلك، أصبح مثال التضامن السياسي والحرية السياسية في «الدولة المدينة» جزءا من التراث الأدبي والفني الأوسع نطاقا لليونان القديمة؛ ذلك التراث الذي نقله الباحثون العرب والبيزنطيون إلى أوروبا الغربية في العصور الوسطى وفي أوائل العصر الحديث؛ مما قدم نموذجا للمجتمع الجمهوري القائم على شكل صارم من الوطنية والمساواة بين المواطنين. ومع العودة إلى العصور الكلاسيكية القديمة والإحياء الإغريقي، أصبح هذا النموذج مصدر إلهام لمثل الحكم الذاتي والوحدة اللذين سيجعلهما القوميون الحداثيون مبدأين أساسيين للدين العلماني الجديد للشعب؛ ومن ثم، فإن الدولة المدينة، بعيدا عن كونها النقيض التام للجماعات القومية والعرقية أو معيقة لها، أصبحت في واقع الأمر تمثل إحدى دعائم الأمة وقوالبها الأوسع انتشارا؛ حيث تمدها ببعض سماتها الخالدة وأشكالها التاريخية الأهم. (4) الهوية العرقية والاتحاد القبلي
للوهلة الأولى، قد يبدو النوع الثالث من الهويات الجمعية الثقافية والسياسية، ممثلا في الاتحاد القبلي، أكثر ارتباطا بالأشكال العرقية والقومية من المجتمع المدني. في واقع الأمر، يرى البعض أن «القبيلة» و«الجماعة العرقية» مصطلحان مرتبطان ارتباطا وثيقا، بل من الممكن استعمال أحدهما محل الآخر. إلا أننا إذا التزمنا بالمعنى الذي يرى أن القبيلة ليست مجرد جماعة ثقافية بل إنها التعبير السياسي عن تقسيم الأنساب، فإننا نستطيع أن نرى أن القبائل والاتحادات القبلية تستطيع أيضا أن تضعف أي حس بهوية عرقية أكبر نطاقا وتقوضه، فضلا عن إعاقة نشأة الأمم، كما تشير العداوات القبلية المتكررة.
من الأمثلة القديمة على مثل هذه الاتحادات القبلية «العمورو» أو «العموريون» الذين ظهروا لأول مرة في شمال سوريا في الوثائق الأكدية والسومرية في أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد. كانوا عمالا مهاجرين في مدينة سومر ومدينة أكاد، وكانوا معروفين باسم المارتو في اللغة السومرية، وبدا أن ترحالهم يشكل تهديدا للحياة الحضرية. وقد وصف هؤلاء القوم شبه الرحل على النحو الآتي:
المارتو الذي لا يعرف المنازل، الذي لا يعرف المدن، ذلك الرجل الهمجي الذي يعيش في الجبال ... المارتو، شعب من الغزاة، ذوو غرائز حيوانية، مثلهم كمثل الذئاب.
19
وفي وقت لاحق، اخترق العمورو الجدار الدفاعي الذي بني بالقرب من بابل لصدهم عن المدينة، وتولى أفراد من العموريين السلطة في المدن السومرية، وأخذ حمورابي ملك بابل لقب «لوجال عمورو» أي ملك عمورو. إلا أنه في هذه الفترة كانت القبائل «الأمورية» مثبتة كلا بصفتها الفردية على النحو الآتي: الهانيون، والسوتيون، وقبيلة أمنانو، وقبيلة رابو، وهكذا. ومن الواضح أنه نظرا لتفرقهم في القرى، وعملهم كفلاحين، وكرعاة شبه رحل، فقد فشلوا في التجمع في اتحاد يضم كل القبائل العمورية، وبعيدا عن مملكة أمورو في وسط سوريا في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، فقد أصبح اسمهم مجرد ذكرى أو مصطلحا جغرافيا في سجلات التاريخ الآشوري.
فيما يتعلق بمثال الاتحاد الآرامي الذي تشكل لاحقا، فإنا نقف على أرض أكثر صلابة. في بداية الألفية الأولى قبل الميلاد، سجل عديد من الممالك الآرامية، كان أبرزها آرام صوبا، وآرام دمشق، وأرفاد في سوريا، وآرام النهرين، وبيت عديني، وبيت زماني في شمال بلاد الرافدين، وبيت داكوري، وبيت أموكاني في جنوب بابل بالقرب من الخليج الفارسي. ولو كانت تلك الممالك قد شكلت تهديدا للمملكة الآشورية في القرن الحادي عشر والقرن العاشر قبل الميلاد، ولمملكة إسرائيل في القرن التاسع قبل الميلاد، فمن المحتمل أن الانتشار الجغرافي الواسع لتلك الممالك وتنظيمها غير المتجانس قد حال دون تحقيق وحدة ثقافية مستقرة، فضلا عن تحقيق وحدة سياسية. حتى الهجمات الآشورية المتعاقبة على الممالك الآرامية في سوريا من القرن التاسع وحتى القرن السابع فشلت في استنفار مشاعر الآرامية الجمعية، على الرغم من أنها وحدت قطاعات من الآراميين تحت قيادة الدولة المدينة المسيطرة في تلك الفترة؛ دمشق في القرن التاسع وأرفاد في القرن التاسع قبل الميلاد.
20
هذا لا يعني القول إن الآراميين لم يتشاركوا ممارسات ثقافية مشتركة؛ فمع ذلك كله، كانت توجد لغة آرامية وكتابة آرامية. وكانت هناك أيضا الأهمية المتزايدة لعبادة إله العواصف الآرامي، هدد، في سوريا على الأقل. وبعد ذلك، كانت توجد التحالفات المتكررة للممالك الآرامية ضد المملكة الآشورية. ولهذه الأسباب، كما قال ستيفين جروسبي، كان من الممكن أن يكون الآراميون في سوريا جنسية ناشئة؛ وهذا استنتاج معقول من نقوش لوح قرية سفيرة البازلتي الذي يعود إلى حوالي عام 750 قبل الميلاد، والتي تسجل معاهدة بين اثنين من الملوك الآراميين، متع أيل (ملك أرفاد) وبرجاية - ملك كتك (مملكة غير معروفة) - والتي تتحدث عن «كل آرام»، وهو ما قد يشمل «آرام العليا» و«آرام السفلى».
Неизвестная страница