Культурные основы наций: иерархия, завет и республика
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Жанры
8 (2-2) تنمية العناصر الرمزية
إن خلق الذكريات والرموز والأساطير والقيم والتقاليد وتنميتها يحدد التراث الثقافي المميز لكل جماعة عرقية وكل أمة. فيما يتعلق ب «العرقيات»، تمثل «أسطورة» النسب ضرورة، إلا أن الأساطير والذكريات والرموز والتقاليد الأخرى من الممكن أن تتراكم عبر الزمن وتميز التراث الثقافي للعرقيات عن تراث جيرانها، لا سيما عند وجود نصوص مقدسة مميزة متوارثة عبر الأجيال. ورغم أن امتلاك هذا التراث الثقافي وتنميته «شرط لازم» لأي أمة في نظر القوميين، فمثل هذا التراث الثقافي موجود بالمثل لدى الجماعات العرقية والجماعات العرقية السياسية المختلفة، بداية من مصر القديمة وحتى روسيا في أوائل العصور الوسطى. تقدم روما القديمة وحلفها اللاتيني مثالا جيدا على ذلك. فعلى الرغم من الأصول العرقية المختلطة في روما القديمة تحت حكم الملوك، نشأ نوع من الانتماء العرقي الروماني اللاتيني المشترك عبر الحروب مع السامنيت والإغريق والإتروسكان. وربما كانت اللحظة الفاصلة هي تجربة منطقة ماجنا جراسيا في القرن الثالث قبل الميلاد، والأزمة الكبيرة المتمثلة في الحرب البونية الثانية، عندما سحق القرطاجيون بقيادة حنبعل جيوشا رومانية متلاحقة في إيطاليا. كانت تلك الفترة هي التي شهدت ظهور أدب لاتيني أصلي في مسرحيات بلاوتوس وترنتيوس، ونثر نافيوس وإنيوس، بالإضافة إلى الأسطورة التي ميزت الفضيلة الرومانية المتشددة المجسدة في الصورة العابسة لكاتو الرقيب. ونتيجة لذلك، كان للرومان أسطورة نسب مزدوجة - من رومولوس وريموس وأنثى الذئب، ومن إنياس الطروادي ولاتيوم - وعدد من الرموز والتقاليد والذكريات التي تدل على صحة جدلية ووكر كونر التي تقول إن الإيمان بوجود علاقة بين الأسلاف هي العنصر المميز للانتماء العرقي، حتى لو كانت سلاسل النسب خيالية، كما هي الحال في الغالب.
9
حتى في يومنا الحاضر، قد يستمر إحساس أواصر الارتباط بين الأسلاف، حيث يظهر مثلا أن موجات المهاجرين المغتربين ثقافيا «تهدد» الجماعة العرقية السائدة في الأمة وطريقة حياتها التقليدية. إذا كان الأمر كذلك، فلربما لا تكون أسطورة النسب أسطورة مندثرة، حتى لو كانت أقل أهمية في تعريف المجتمع، وتمثل عنصرا واحدا فحسب ضمن مجموعات عديدة من التقاليد والأساطير والذكريات التي تميز الأمة.
10 (2-3) الأقلمة
يمكن ملاحظة عملية أقلمة المجتمعات عبر التاريخ، ولا تقتصر هذه العملية على «العرقيات» أو الأمم. ومع ذلك، أصبح الارتباط بأماكن محددة ورسم حدود مكانية لتمييز «الوطن» عن «خارجه» عمليات مميزة للانتماء العرقي، وللأمة بصفة خاصة. لقد ثبت أن هاتين العمليتين ضروريتان لتكوين «المنظور العرقي» وظهور الأمم عند حدوثهما في صورة «أقلمة» للذكريات؛ أي ربط الذكريات بمناطق معينة وبمجتمع بعينه. ويمكن للمرء أن يرى ذلك جليا في العمليات التي ترتبط عبرها ذكريات مجتمع بعينه وتاريخه بأماكن معينة، وهذه العمليات هي «تطبيع المجتمع» و«تأريخ الطبيعة».
11
في أولى هاتين العمليتين، تصبح «العرقيات» أجزاء لا تتجزأ من بيئاتها التاريخية، حيث تعتبر أنها «امتدادات طبيعية» من الأراضي التي تقطنها، وتصبح آثارها «ثوابت» في مشهدها العام، لتذكر بالعصور القديمة شبه البدائية للمجتمع، كما هي الحال مع أهرامات المصريين القدماء أو المكسيك. في العملية الثانية، تصبح الطبيعة نفسها مؤرخة؛ فتصبح أرض المجتمع وموطنه جزءا لا يتجزأ من تاريخه وثقافته، وتصبح المكان الذي عاش ومات فيه القديسون والأبطال والحكماء، وحلبة الأزمات ونقاط التحول التاريخية، والنصب التذكاري للأعمال البطولية للأجداد. هذه هي العمليات التي يمكن ملاحظتها قبل ظهور الحداثة بوقت طويل. نجد أمثلة ذلك في السجلات التي تحدثت عن جمال الريف المحيط بروما مدونة في شعر هوراس وفيرجيل، وفي تصور حديقة فرنسا التي تزايد انتشارها بين الكتاب الفرنسيين في أواخر العصور الوسطى، وفي تشكيل وجه هولندا من خلال صراعات سكانها مع بحر الشمال، وفي قصائد المدح السويسرية في أوائل العصر الحديث لمناظر جبال الألب في سويسرا.
12
ابتداء من القرن الثامن عشر، أصبحت أقلمة الذكريات وتنمية الانتماءات الجمعية للمشاهد الطبيعية القومية تجري بنحو أكثر تعمدا وعلى نطاق أوسع انتشارا. وكان ذلك يعزو بدرجة كبيرة إلى طائفة تبجيل الطبيعة المنبثقة عن النزعة الرومانسية، ومن التعبير اللائق عن العواطف في وجودها، كما هي الحال مع الانبهار المتزايد بجمال الألب. لقد حول الرومانسيون الأرض إلى مناظر طبيعية شاعرية، وجعلوها مكونا أساسيا لتصور الأمة نفسه. في اعتقاد القوميين، لا وجود للأمة إن لم تكن جماعة لها أرض؛ حيث تمثل الأرض والمناظر الطبيعية كلا من القاعدة «الموضوعية» والقاعدة «الذاتية» - الأساس - لمجتمع قومي حقيقي. وكان ذلك يعني أن الأمة لا بد أن تكون موحدة ومجتمعة داخل حدود «طبيعية» معروفة، حتى لو ظلت تلك الحدود «غير مستوية» من الناحية العملية؛ فمن الممكن عندها أن تأخذ الأمة مكانها باعتبارها عضوا شرعيا في «مجتمع دولي» من الأمم. ومن الممكن أيضا أن يشعر أفرادها أنهم «نشئوا من ترابها» - حتى لو كان معظم أفرادها فعليا (أو أسلافهم) قد هاجروا إلى هذا التراب من مكان بعيد. إن حقيقة أن كثيرين جدا من القوميين استطاعوا، على الرغم من «ابتكاراتهم» التي لا ريب فيها، البناء على انتماءات وذكريات سابقة؛ قد سهلت مهمتهم إلى هذا الحد البعيد.
Неизвестная страница