Культурные основы наций: иерархия, завет и республика
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Жанры
على المستوى «الجمعي»، فإن دور الأمة وتأثيرها لأكثر إثارة للدهشة. في هذا الصدد، يمكن أن نتحدث عن الصمود على المدى الطويل في وجه التغيرات في كل من «العرقيات» والأمم، وهذا أمر لا يمكن أن ينبع ببساطة من اختيارات أفراد هذه الأمم والعرقيات وميولهم؛ وذلك أننا مثلما لا نستطيع قراءة شخصية أفراد الأمة من ثقافتها السياسية، فإننا كذلك لا نستطيع استنتاج الثقافة السياسية للأمة من الناتج الإجمالي لاختيارات أفرادها أو طباعهم؛ لأن الثقافات السياسية ل «العرقيات» والأمم لها أعرافها وتقاليدها، ورموزها وقوانين التواصل الخاصة بها. وهذا يساعد في تفسير حقيقة أن المجتمعات العرقية والأمم يمكن أن تصمد عبر فترات طويلة، على الرغم من هجرة أعداد كبيرة من أفرادها، أو تعرضهم للإبادة الثقافية، أو الإبادة الجماعية، ولماذا يمكن أن تستمر الثقافات حتى في غياب معظم ممارسيها. فبعد وقت طويل من تدمير قرطاجة في نهاية الأمر عام 146 قبل الميلاد وبيع سكانها في سوق العبيد، استمرت الثقافة البونيقية في شمال أفريقيا، حتى القرن الخامس الميلادي.
22 (5) مجتمع سياسي؟
يمكننا الآن العودة إلى نقطة البداية المتمثلة في التصور السياسي للأمة الذي طرحه كثير من الحداثيين، ونسأل: هل يمكن اعتبار الأمم مهمة فقط لكونها تعتبر أول وأهم أشكال المجتمع السياسي والهوية السياسية، أم هل يجب أن نعتبرها أنواعا أساسية من المجتمعات والهويات الثقافية؟
بالنسبة إلى معظم الحداثيين، كما رأينا، فإن الأمة فئة سياسية من الطراز الرفيع، ليس فقط من ناحية المعنى العام لمجتمع السلطة، بل من الناحية الأكثر تحديدا المتمثلة في المجتمع الذاتي الحكم المؤسس في دولة إقليمية ذات سيادة. وفي هذا الصدد، فإنهم يستمدون الإلهام من اعتقاد ماكس فيبر في أولوية الإجراء السياسي والمؤسسات السياسية في تشكيل العرقية والأمة. بالنسبة إلى فيبر:
الأمة مجتمع وجداني يمكن أن يظهر نفسه على نحو ملائم في صورة دولة خاصة به؛ ومن ثم، فإن الأمة مجتمع يميل عادة إلى إنتاج دولة خاصة به.
23
على النحو نفسه، يرى الحداثيون أمثال جون بروييه ومايكل مان أن «القومية» حركة سياسية في الأساس ويعتبرون بعديها الاجتماعي والثقافي أمرين ثانويين. والسبب في ذلك يرجع إلى أن الأمم بالنسبة إلى الحداثيين هي ثمار الدول والقوميات؛ ومن ثم فإنها ظواهر سياسية بطبيعتها، وتكتسب أهميتها بحسب درجة استغلالها لصالح الدول. وفيما يخص صفاتها الثقافية، فإنها في جوهرها تسبق وجود السياسة، وذات أهمية خاصة في وصف الأعراق البشرية.
24
إذا، فإنه لحقيقي أن الأمم، شأنها شأن الأنواع الأخرى من الهويات الثقافية الجمعية، عبارة عن مجتمعات من القوة والطاقة، ويمكنها جذب ولاء واستقطاب طاقات أعداد كبيرة من الرجال والنساء. ويمكن أيضا رؤية الأمم باعتبارها مجموعات صراع، وحدتها الحرب ضد الجموع الأخرى، لا سيما الأمم والدول القومية الأخرى. إلا أن هذا لا يعني أن كل الأمم تسعى إلى تكوين دول خاصة بها، أو أن الدولة ذات السيادة هي محل تركيز وهدف كل مساعي الأمة. لا تنطبق هذه الحالة، على سبيل المثال، على الشعب الفلمنكي والشعب البريتوني، والاسكتلنديين والشعب الكتالوني، والويلزيين والباسكيين، على الرغم من الظهور (المتفاوت) لأحزاب وحركات فيما بينهم تسعى إلى إقامة دولة مستقلة لهذه الأمم؛ ففي كل من هذه الحالات، يكون التطلع المحموم للحصول على الاستقلال الداخلي أو «الحكم الداخلي» مصحوبا بالتزام بالبقاء جزءا من دولة متعددة القوميات أوسع نطاقا ما دامت تلك الشعوب مستقرة في كنفها على مدار التاريخ؛ وذلك إما لأسباب اقتصادية أو لأسباب سياسية. في الواقع، إن تطلع تلك الشعوب إلى الاستقلال الداخلي أمر ذرائعي إلى حد ما؛ فهو يمثل وسيلة لتحقيق أهداف أخرى اجتماعية واقتصادية وأخلاقية وثقافية محل قيمة في حد ذاتها، بل تفوق قيمتها قيمة السيادة السياسية. ووفقا لما حرره جون هتشينسون، فإن هذا ينطبق بصفة خاصة على القوميين الثقافيين المصرين على إحياء مجتمعاتهم القومية بعد قرون من الخمول والتدهور.
25
Неизвестная страница