أصول مسائل العقيدة عند السلف وعند المبتدعة
أصول مسائل العقيدة عند السلف وعند المبتدعة
Издатель
*
Номер издания
١٤٢٠هـ
Год публикации
١٤٢١هـ
Жанры
فكل هذه الدعاوى التي ذكرها الفلاسفة في الله ﵎ دعاوى فاسدة معلوم فسادها ببداهة العقول، فإن أي عاقل نظر في المخلوقات المحيطة به أو نظر في نفسه أدنى نظرة أدرك أن خالقه لابد أن يكون ذا صفات عظيمة وجلال وكمال من جميع الوجوه، لأنه ما لم يكن كذلك فإنه لا يمكن أن يوجد هذا الخلق وهذا الكون، فإذا لم يكن له ذات فكيف يوجد ماله ذوات، وإذا لم يكن موصوفًا بصفات الكمال من السمع والبصر والعلم والحكمة والإرادة وغيرها فكيف يوجد الموصوفين بهذه الصفات، وما لم يكن فاعلًا مختارًا كيف يوجد الفاعلين المختارين، وما لم يكن حيًا كيف يوجد الحياة، ففاقد الشيء لا يعطيه، فلا يمكن لجاهل أن يعلم الناس القرآن أو الشرع أو الدين لأنه فاقد للعلم، وغير البصير لا يمكن أن يرشد الناس إلى الطريق، والميت لا يمكن أن يفعل ولا يحي الموتى ولا يبعث الحياة في الموجودات ففاقد الشيء لا يعطيه. ولكن هؤلاء الفلاسفة لم ينظروا إلى المخلوقات ليستدلوا بها على الخالق بعين صحيحة، وإنما نظروا إليها بعقول قد لوثتها الوثنية والإلحاد فأثمرت هذه المقولات التي إن دلت على شيء فإنما تدل على إفلاسهم من النظر الصحيح والرأي السديد الذي يتوصل إليه أقل الناس حظا من العلم. فهذه المخلوقات المحكمة الصنع والعظيمة في خلقها وهيئتها والعظيمة في دورها وعملها تدل على حكيم عليم بصير خبير، لابد أن يكون موصوفًا بكل صفات الكمال ألا وهو الله جل وعلا.
أما قولهم في إيجاد المخلوقات فمتضمن للفساد من وجوه عديدة:
أولًا – إن قولهم إن المادة والصورة أزليتان وغير مخلوقتين قول فاسد، لأنه يلزم منه وجود المادة والصورة من غير شيء، وهذا معلوم الفساد ببداهة العقول، فإن كل موجود لابد له من موجد حتى ينتهي الأمر إلى الموجد الأول والخالق ﵎، وإلا لزم التسلسل إلى ما لانهاية.
1 / 99