أصول مسائل العقيدة عند السلف وعند المبتدعة
أصول مسائل العقيدة عند السلف وعند المبتدعة
Издатель
*
Номер издания
١٤٢٠هـ
Год публикации
١٤٢١هـ
Жанры
الرد على المتكلمين في مسلكهم لإثبات وجود الله ﷿:-
إن المسلك الذي سلكه المتكلمون لإثبات وجود الله ﷿ لاشك مسلك باطل، بل محرم. والدليل على بطلانه وتحريمه ما يلي:
أولًا - إن وجود الله ﷿ يثبته جل بني آدم، ولم ينكره إلا طائفة قليلة من الملاحدة١، الذين هم أتباع فرعون إمام الملاحدة ومن أخذ بقوله وقولهم من السابقين واللاحقين، وهؤلاء لا يشكلون إلا نسبة قليلة من مجموع بني آدم، أما الغالبية العظمى من بني آدم من أصحاب الأديان كاليهود والنصارى والهنود ومشركي العرب فضلًا عن المسلمين فيثبتون وجود الله ﷿.
كما أن الله حكى عن فرعون أنه كان في قرارة نفسه مقرًا بوجود الله ﷿ وربوبيته، وإنما جحد ذلك تكبرًا وعلوًا. قال الله ﷿: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ، وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [النمل١٣، ١٤] .
وقال موسى ﵇ لفرعون: ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء١٠٢] . فإذا كان الأمر كذلك فهل يسوغ الاشتغال بتلك الطرائق التي يزعم المتكلمون أنهم يريدون أن يثبتوا بها وجود الله ﷿ وإرغام أنوف الملاحدة؟! .
ثانيًا - إن أعظم الدعاة إلى الله ﷿ وأشدهم نصحًا للخلق هم الأنبياء ﵈، وقد جادلهم أقوامهم فأقاموا الحجة عليهم بأوضح عبارة وأبين مقال، وما رأيناهم دعوا الناس إلى الإقرار بوجود الله ﷿، وإنما دعوهم إلى عبادة الله ﷿ وحده، مما يدل على أن من جاء إليهم الأنبياء ودعوهم كانوا يقرون بوجود
٣ ذكر الشهرستاني أن الملاحدة قلة وشرذمة من طوائف مجهولين. انظر: الشهرستاني في نهاية الاقدام في علم الكلام ص ١٢٨، والآمدي في غاية المرام ص٩.
1 / 106