من باب الإطلاق على المستقبل مطلقا ، كما يظهر من النحاة ، بل لو اعتبر الغد ظرفا للضرب وكان زمان النسبة هو زمان النطق فكان المعنى زيد ضارب الآن بملاحظة اتصافه بالضرب غدا ، وأما لو اعتبر ظرفا للنسبة فهو من باب الإطلاق على الحال.
الرابع : اختلاف المشتقات في المبادي لا يوجب اختلافها في الدخول تحت هذا النزاع الواقع في وضع هيئتها ؛ فإن بعض المبادي يعتبر فيه الفعلية كما في مبدإ الضارب ، وبعضها وهو ما كان من قبيل الحرفة أو الصناعة يعتبر فيه عدم إعراض الفاعل عنه كما في مبدإ البقال والنجار ، وبعضها وهو ما كان من قبيل الملكة يعتبر فيه عدم زوال الملكة كما فى مبدإ الفقيه ، وهذا إما من باب المجاز في الكلمة بأن استعمل هذه المبادي أولا في الحرفة والصناعة والملكة ثم اشتق منها هذه الصفات ، وإما من باب المجاز العقلي الادعائي بأن نزل الفارغ عن حرفته أو صناعته الغير المعرض عنه منزلة المشتغل به تغليبا لجانب الاشتغال الغالب على جانب الفراغ النادر ، ونزل القوة القريبة من الفعلية وهي الملكة في حال الغفلة أو النوم منزلة الفعلية.
وكيف كان فعد المشتق في الصور الثلاث الأخيرة مجمعا على وضعه بإزاء الأعم مما لا وجه له ، فيلاحظ الماضوية والحالية والاستقبالية في زمان النسبة بالإضافة إلى زمان الاتصاف بالملكة أو الحرفة أو الصناعة.
الخامس : لا أصل في نفس هذه المسألة حتى يعول عليه عند فقدان الدليل على كلا القولين كما هو الحال في أكثر المسائل الاصولية ، فلا بد من الرجوع في كل فرع إلى أصل هذا الفرع وهو يختلف باختلاف الفروع ، فإذا ورد أكرم العلماء وشك في وجوب إكرام زيد العالم في السابق الجاهل حين ورود الخطاب فالأصل هو البراءة ؛ لأن الشك في أصل التكليف مع عدم الحالة السابقة ، ولو كان عالما حين الخطاب ثم جهل فشك في بقاء وجوب إكرامه فالأصل هو الاستصحاب وهكذا.
إذا عرفت ذلك فنقول : الحق أن المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدإ في زمان النسبة ومجاز في غيره ، وإثبات ذلك لا يتوقف على التبادر بل يمكن بمقدمتين
Страница 65