في الزمان السابق المتصل بزمان تحقق الرضاع الكامل وبقاء الاخرى وإن كان واقعا ، لمحذور مخالفة هذه الأدلة كما هو واضح ؛ لكونه ترجيحا بلا مرجح ، فلا بد من الالتزام بانعدام كلتيهما في الزمان المذكور لدفع حصول العنوانين لا لأجله ، أو الالتزام ببقاء كلتيهما وعدم زوال شيء منهما أصلا وأن الأدلة المذكورة مخصصة بهذا المورد.
الثاني : قد اشتهر بين النحاة دلالة الافعال على الزمان وجعلوها المائز بينها وبين الأسماء ، والحق أن صيغة الأمر والنهي لا دلالة لهما على الزمان أصلا ، ويصح إطلاقهما على الحال والاستقبال من دون فرق وإن كان بتصرف الحال العرفي من الإطلاق في أوامر غير الشارع ، ألا ترى أن قولك : اضرب غدا أو بعد خمسين سنة صحيح بدون تجوز ، كما في قولك : زيد ضارب غدا أو بعد خمسين سنة ، فكما لا دلالة للثاني على الزمان فكذا الأول.
نعم إيقاع الطلب لا بد أن يقع في الزمان كغيره من الإنشاءات وكالإخبار لكنه تقييد عقلي لا من باب أخذ الزمان في مفهومهما ، هذا هو الحال في الأوامر والنواهي الفارسية ويستكشف منها الحال في الأوامر والنواهي العربية ، وذلك لأنا نقطع بأن لفظ «بزن» مثلا في الفارسية حاله حال لفظ «اضرب» في العربية بلا فرق كقطعنا بكون لفظ «آ» في هذه اللغة مرادفا للفظ «الماء» في تلك فيكفي الرجوع إلى أذهاننا في تشخيص معانيها، ولا حاجة إلى الرجوع إلى العرب.
وأما الفعل الماضي فالحق أنه يستقاد منه الكون من قبل ، وأما أن لهذه القبلية مبدأ أولا؟ فغير مفهوم من اللفظ ، نعم لازم حدوث الفاعل هو الأول ولازم قدمه الثاني ، وهذه القبلية غير الزمان الاصطلاحي الحاصل من حركة الفلك ، كيف وهو يتصف بها ، ويشهد لما ذكرنا أنا لا نجد فرقا بين قولنا : علم الله ومضى الزمان وبين قولنا : علم زيد ومضى عمرو ، مع أنه لو كان المأخوذ هو الزمان الاصطلاحي لكان الإطلاقان الأولان مجازا ، ومثل هذا يجري في المضارع أيضا فإنه يدل على الصدور من بعد وهو غير الزمان ، ولهذا يصح قولك : يأتي الزمان ويخلق الله. وحينئذ فإن
Страница 63