وقد ذم الله تعالى تعالى من يزين المعاصي في قوله تعالى { وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركآؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون } (الأنعام:137) فهل يذم الله من يزين المعصية، ويكون هو سبحانه ممن يزين المعاصي؟!
إشكال على أنه تعالى لا يفعل القبيح
ويثير بعض الناس إشكالات على هذا الأمر، وذلك من جهتين:
الجهة الأولى: يقولوا إنه قد ثبت في القرآن الكريم إن الله تعالى يفعل القبيح، نحو قوله تعالى: { وأضله الله } (الجاثية:23) وقوله تعالى { ويمكرون ويمكر الله } (الأنفال:30) وقوله تعالى { إن كان الله يريد ان يغويكم } (هود:34)؛ ونحوها الكثير.
الجهة الثانية: يقولون قد رأينا بالمشاهدة أفعالا قبيحة قد فعلها الله، نحو الزلازل والآفات، والبلايا، ونحو ذلك.
والجواب عن الجهة الأول: إنه قد ثبت بما لا يشك فيه أنه تعالى عدل حكيم؛ وهذه قاعدة عقلية ثابتة. وثبت بأن إضلال الله للعبد ونحوه قبيح؛ وهذه قاعدة عقلية ثابتة. أما ما في القرآن الكريم فهي نصوص تحتمل معان متعددة؛ والذين فهموا منها أن الله يفعل القبيح فهموا ذلك لأنهم اختاروا من المعاني المحتملة لتلك النصوص، ما يوافق هواهم من نسبة القبيح إلى الباري. لذا سيكون الكلام معهم في توضيح هذه المعاني الصحيحة، وهذا سيؤجل إلى قسم الآيات المتشابهة.
والجواب على الجهة الثانية: إننا نطلب منهم أن يرجعوا إلى تعريف الظلم، وسيعلمون أن الضرر الذي لا يفعله الله تعالى، هو ما كان بغير استحقاق، ولم يكن فيه نفع. فهذه الزلازل والمصائب التي ترونها لا تكون قبيحة إلا إذا عملها الله تعالى، ولم يعط أصحابها منافع كبيرة، أو أعواض على ما أصابهم. أما إذا عوضهم فهي غير قبيحة، بل تكون أحسن ما قد أوتيه الإنسان عند من يعقل الفرق بين الدنيا الفانية، والآخرة الباقية. وللموضوع بقية في الفصل عن الآلام.
Страница 76