الكسب
ذلك أن من المفاهيم الخاطئة في أذهان الناس عن الرزق، تصورهم أنه تعالى يرزق العبد بمعنى أنه تعالى يوصل المنفعة إلى العبد، بغير أن يكون للعبد فعل ودور حقيقي في الحصول عليها. أي أنه تعالى هو موزع الرزق. فمن عاش فقيرا فالله تعالى لم يمنحه مالا وفيرا، ومن عاش غنيا فالله تعالى هو الذي أعطاه تلك الأموال.
وهذا أيضا خطأ؛ فقد قال تعالى { وامشوا في مناكبها } (الملك: 15) وقال تعالى { إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون } (العنكبوت:56). فالله تعالى خلق المنافع، وأباحها لخلقه، أي رزقهم، ثم أرشدهم للسعي للحصول عليها.
فالحصول على المنافع هذه منوط بالعمل إناطة شبه كاملة. فمن سعى للمال، وتوفرت له الشروط الموضوعية المناسبة فإنه سيحصل على المال. نعم قد يتدخل الله تعالى بألطافه ليمنع عبدا من الحصول على رزق مصلحة له، ولكن الأصل هو أن الحصول على الرزق وعدم الحصول عليه منوط بعمل العبد، مع توفر الشروط المناسبة لذلك.
ولذلك يظهر الفرق بين الزاهد وبين طالب الدنيا. فالزاهد لا يطلب من الدنيا إلا حاجته ويضحي ويفوت على نفسه فرصة الحصول على دنيا أكثر، ولذات أكبر، ولكنه يؤثر الآخرة على الدنيا.
Страница 106