وقال بعضهم غير ذلك مما لا يشتغل به. وكل هؤلاء قد أنكرت العقول وما وجد الناس عليه أنفسهم قولهم وفعلهم. وإنما ألجأهم إلى قوله -زعموا- نفي (¬1) الجور على (¬2) الله [ تعالى ] (¬3) حتى وصفوه بالجور والعبث في تدبيره تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وأغفلوا (¬4) عن قول الله وحجته إذ يقول: { رسلا مبشرين ومنذرين لئلا/[41] يكون للناس على الله حجة بعد الرسل } (¬5) وقوله: { ولو أنا أهلكناكم بعذاب من قبله لقالوا: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك [ من قبل أن نذل ونخزى ] } (¬6) وقوله: { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب } (¬7) وقوله: { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير } (¬8) . لئلا يقولوا ذلك ويحتجوا بما ليس لهم فيه حجة. ومثل هذا كثير في القرآن مما احتج الله به على عباده، من الكتاب، والسنة. وفيما شهدنا (¬9) من صنائع الدنيا التي لا تنال معرفتها إلا بتعليم وتوقيف وتنبيه ما يدل على أن علم الله وعلم دينه الذي هو أغمض وأبعد من العقول، ما يدل على أنها أبعد أن تدرى (¬10) إلا بتعليم وتنبيه. فهؤلاء كلهم اتفقوا على أصل واحد أن الله لا يكلف عباده شيئا فيحبس عنهم الأسباب التي يصلون بها إلى فعل ما كلفهم به، فهذا أصل مذهبهم جميعا. واختلفوا في تلك الأسباب، وكيف هي.
¬__________
(¬1) 36) في ت، م: إنفاء. وما أثبتناه من ج.
(¬2) 37) ب: عن.
(¬3) 38) - من م.
(¬4) 39) ب: وغفلوا.
(¬5) 40) سورة النساء: 165.
(¬6) 41) سورة طه: 134. وما بين المعقوفتين هو تصحيح منا لسياق الآية، والذي جاء في النسخ المعتمدة [ ونكون من المؤمنين ] ويبدو أنه اختلط على النساخ أو المؤلف بآية سورة القصص: 47.
(¬7) 42) سورة المائدة: 15.
(¬8) 43) سورة المائدة: 19.
(¬9) 44) م: شاهدنا.
(¬10) 45) ج: تدرك.
Страница 125