ولا يخلو هذا التفكير الذي جعله دينا لنفسه، من أن يكون اكتسابا أو اضطرارا، فإن كان اكتسابا فلا يخلو من أن يكون طاعة أو معصية. فأيما قالوا من ذلك نقضوا به قولهم وأفسدوا به حجتهم. وإن قالوا: اضطرارا لحقوا بأهل الجبر القائلين بأن معرفة الله اضطرار في القلب. فإن قالوا طاعة ؛ فكيف (¬1) يطيع الله من لم يفرده ويوحده، ويكون مؤمنا به من لم يعرفه ؟ وإن كانت معصية محرمة عليه فكيف تكون معصية وهي (¬2) سبب لمعرفة الله مأمور به ؟ وأيضا فمتى أراد هذا التفكير ؟ ومتى استطاعه ؟ في حالة [ الطفولية ] (¬3) أو في حال (¬4) بلوغه ؟ فأيما قالوا من ذلك نقضوا أصلهم. فإن قالوا: في حال الطفولية جعلوا الأطفال مريدين ومستطيعين للإيمان والكفر، فما وجه تأخر (¬5) التكليف عنهم؟ وإن قالوا (¬6) : [ في حال ] (¬7) البلوغ أثبتوا الإرادة مع المراد، والاستطاعة مع الفعل. فحجة الله هي البالغة، فمن أعطيها اليوم أعطيها يوم القيامة.
ومنهم من زعم أن حجة الله على عباده هي (¬8) المعرفة، وما من عاقل إلا وقد جعل الله له (¬9) المعرفة في قلبه واضطره [ عليها ] (¬10) وإنما كلفهم الإقرار به - زعموا - وهو إيمانهم.
¬__________
(¬1) 26) ب: فليس.
(¬2) 27) - من ب.
(¬3) 28) + من ب، ج، م.
(¬4) 29) - من م.
(¬5) 30) ب: تأخير.
(¬6) 31) م: قال.
(¬7) 32) في ب: مع.
(¬8) 33) - من ب.
(¬9) 34) - من ب.
(¬10) 35) + من ب، ج، م.
Страница 124