وعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والخليفتان من بعده، أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بما أمرهم الله به من ذلك حتى أتاهم اليقين وألحقوا (¬1) بالله، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، وقد سئلوا الموادعة و المداهنة (¬2) فأبوا إلا الجهاد و القتال في سبيل الله حتى ألحقوا بالله رضي الله عنهم. وقال أبو بكر رضي الله عنه: « إني (¬3) لمحقوق بقتالكم (¬4) في قلة و (¬5) كثرة ما دام السهم المريش (¬6) على فوقه، حين ارتدت العرب وأبوا إمارته ورضي بعضهم أن يقيموا الصلاة ولا يؤتوا الزكاة فأبى ذلك لهم. فمن رغب عن سيرتهم وطريقتهم خاب من ثوابهم وأولاه الله نوله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا، /[31] كما قال: { ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } (¬7) .
فنقض هذا الأصل المجتمع عليه من الكتاب والسنة من النبيء - صلى الله عليه وسلم - ، والمهاجرين والأنصار، من زعم أنه لا يجوز السيف والقتال في أهل القبلة.
¬__________
(¬1) 16) ب، ج: لحقوا.
(¬2) 17) هكذا في جميع النسخ. ولعله المهادنة.
(¬3) 18) - من ب.
(¬4) 19) ب، ج، م،: بقتالهم.
(¬5) 20) م: أو.
(¬6) 21) يقال طائر راش: نبت ريشه، وراش السهم ريشا وارتاشه: ركب عليه الريش. وفي حديث عمر رضي الله عنه قال لجرير بن عبد الله، وقد جاء من الكوفة: أخبرني عن الناس، فقال هم كسهام الجعبة منها القائم الرائش. أي ذو الريش اشارة إلى كماله واستقامته. وفي حديث أبي جحيفة: أبري النبل وأريشها أي أعمل لها ريشا، يقال منه: رشت السهم أريشه، وفلان لا يريش ولا يبري أي لا يضر ولا ينفع. والريش بالفتح: مصدر راش سهمه يريشه ريشا إذا ركب عليه الريش ورشت السهم: ألزقت عليه الريش، فهو مريش أي ليس له شيء. انظر مادة « ريش » في لسان العرب.
(¬7) 22) سورة النساء: 115.
Страница 106