قلنا لهم وبالله التوفيق: لا يخلو (¬1) هذا الخبر الذي أخبرنا الله به (¬2) أعن نفسه أم عن غيره ؟. فإن قالوا أخبرنا الله عن ذلك (¬3) كما كان في نفسه فهو الذي نقول، فنفوا عن (¬4) الله الكذب، وهو الخالق البارئ المصور كما وصف الله نفسه في أزليته. وإن (¬5) قالوا أخبرنا عن غير ذاته، أو (¬6) أخبرنا عن خلاف ما هو به، وهو قياد مذهبهم اثبتوا له الكذب إذ كان مخبرا عن الشيء على خلاف ما هو فجعلوه متغيرا من حال إلى حال، ومن صفة إلى صفة، كالصبي يكون يافعا ثم يصير بالغا (¬7) ثم شابا، ثم كهلا ثم شيخا وساكنا (¬8) في حال، ومتحركا في أخرى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فإن تجاهلوا عن هذا وتجاسروا عليه بان خطؤهم، وأشركوا بالله العظيم وساووه (¬9) بصفات (¬10) الجسم الذي ينتقل من صفة إلى صفة. وليس هذا من قول أهل التوحيد، لأن الشيء الموجود الموصوف هو الشيء المتسمى لا يسبق صفاته وأسماءه، وأن أسماء المتسمى من صفاته تشتق وتوجد، لأنك إذا قلت: له علم، أثبته عالما، وإذا وصفته بالقدرة سميته قادرا. وكل اسم يوجب الصفة، وكل صفة توجب اسما، فعلى هذا المعنى كانت الأسماء، إلا ما منعه الناس من تسميتهم الكامل بتسمية الشنيعة (¬11)
¬__________
(¬1) في جميع النسخ: يخل. بإسقاط حرف العلة، وهو خطأ لغوي.
(¬2) هكذا في جميع النسخ، ويبدو أن في العبارة بعض الغموض.
(¬3) ب، ج: ذاته.
(¬4) 10) م: على.
(¬5) 11) ب، م: فان.
(¬6) 12) - م: وأخبرنا.
(¬7) 13) - من م.
(¬8) 14) من ب.
(¬9) 15) ب: ما رووه.
(¬10) 16) م: بهيئات.
(¬11) 17) ب، م: الشيعة، ولا محل له هنا. والشنيعة هي من الشناعة، وهي الفظاعة والقبح. وأمر أشنع وشنيع: قبيح، تقول رأيت أمرا شنعت به شنعا أي استشنعته قال الشاعر:
فوض إلى الله الأمور، فإنه ** سيكفيك، لا يشنع برأيك شانع.
أي لا يستقبح رأيك مستقبح. انظر مادة " شنع " في لسان العرب لابن منظور.
Страница 94