رضي الله عنهما خلافه وقال أبو حنيفة وابو يوسف رحمهما الله في الحامل أنها تطلق ثلاثا للسنة وقد روى عن جابر وابن مسعود خلافه وقال أبو يوسف ومحمد في الأجير المشترك أنه ضامن ورويا ذلك عن علي وخالف ذلك أبو حنيفة بالرأي وقد اتفق عمل أصحابنا بالتقليد فيما لا يعقل بالقياس فقد قالوا في أقل الحيض أنه ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام ورووا ذلك عن أنس وعثمان بن أبي العاص الثقفي وافسدوا شراء ما باع بأقل مما باع عملا بقول عائشة رضي الله عنها في قصة زيد بن أرقم رضي الله عنه أما فيما لا يدرك بالقياس فلا بد من العمل به حملا لذلك على التوقيف من رسول الله عليه الصلاة والسلام لا وجه له غير هذا إلا التكذيب وذلك باطل فوجب العمل به لا محالة فأما فيما يعقل بالقياس فوجه قول الكرخي أن القول بالرأي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مشهور واحتمال الخطأ في اجتهادهم كائن لا محالة فقد كان يخالف بعضهم بعضا وكانوا لا يدعون الناس إلى أقوالهم وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أن أخطأت فمن الشيطان وإذا كان كذلك لم يجز تقليد مثله بل وجب الاقتداء بهم في العمل بالرأي مثل ما عملوا وذلك معنى قول النبي عليه السلام أصحابي كالنجوم الخبر ومن ادعى الخصوص احتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر وبما روى في هذا الباب من اختصاصهم مما دل على ما قلنا ووجه قول أبي سعيد أن العمل برأيهم أولى لوجهين أحدهما احتمال السماع والتوقيف وذلك أصل فيهم مقدم على الرأي وقد كانوا يسكتون عن الأسناد ولاحتمال فضل إصابتهم في نفس الرأي فكان هذا الطريق هو النهاية في العمل بالسنة ليكون السنة بجميع وجوهها وشبهها مقدما على القياس ثم القياس بأقوى وجوهه حجة وهو المعنى الصحيح بأثره الثابت شرعا فقد ضيع الشافعي عامة وجوه السنن ثم مال إلى القياس الذي هو قياس الشبه وهو ليس بصالح لإضافة الوجوب إليه فما هو إلا كمن ترك القياس وعمل باستصحاب الحال فجعل الاحتياط مدرجة إلى العمل بلا دليل فصار الطريق المتناهي في أصول الشريعة وفروعها على الكمال هو طريق أصحابنا بحمد الله إليهم انتهى الذين بكماله وبفتواهم قام الشرع إلى آخر الدهر بخصاله لكنه بحر عميق لا يقطعه كل سابح والشروط كثيرة لا يجمعها كل طالب وهذا الاختلاف في كل ما ثبت عنهم من غير خلاف بينهم ومن غير أن يثبت انه بلغ غير قائله فسكت مسلما له فأما إذا اختلفوا في شيء فإن الحق في أقوالهم لا يعدوهم عندنا على ما نبين في باب الإجماع إن شاء الله تعالى ولا يسقط البعض بالبعض بالتعارض لأنهم لما اختلفوا ولم تجر المحاجة بالحديث المرفوع سقط احتمال لتوقيف وتعين وجه الرأي والاجتهاد فصار تعارض أقوالهم كتعارض وجوه القياس وذلك يوجب الترجيح فإن تعذر الترجيح وجب العمل بأيها شاء المجتهد على أن الصواب واحد منها لا غير ثم لا يجوز العمل بالثاني من بعد إلا بدليل على ما مر في باب المعارضة وأما التابعي فإن كان لم يبلغ درجة الفتوى في زمان الصحابة ولم يزاحمهم في الرأي كان أسوة سائر أئمة الفتوى من السلف لا يصح تقليده وإن ظهر فتواه في زمن الصحابة كان مثلهم في هذا الباب عند بعض مشايخنا لتسليمهم مزاحمته إياهم وقال بعضهم بل لا يصح تقليده وهو دونهم لعدم احتمال التوقيف فيه وجه القول الأول إن شريحا خالف عليا في رد شهادة الحسن وكان علي يقول له في المشورة قل أيها العبد إلا بظر وخالف مسروق ابن عباس في النذر بنحر الولد ثم رجع ابن عباس إلى فتواه ولأنه بتسليمهم دخل في جملتهم رضي الله عنهم أجمعين & باب الإجماع
الكلام في الإجماع في ركنه وأهلية من ينعقد به وشرطه وحكمه وسببه وأما ركنه فنوعان عزيمة ورخصة أما العزيمة فالتكلم منهم بما يوجب الإتفاق منهم أو شروعهم في الفعل فيما كان من بابه لأن ركن كل شيء ما يقوم به أصله والأصل في نوعي الإجماع ما قلنا وأما الرخصة فإن يتكلم البعض ويسكت سائرهم بعد بلوغهم وبعد مضي مدة التأمل والنظر في الحادثة وكذلك في الفعل وقال بعض الناس لا بد من النص ولا يثبت بالسكوت وحكى هذا عن الشافعي رحمه الله قال لأن عمر رضي الله عنه شاور الصحابة في مال فضل عنده وعلي ساكت حتى قال له ما تقول يا أبا الحسن فروى له حديثا في قسمة الفضل فلم يجعل سكوته تسليما وشاورهم في املاص المرأة فأشار وأبان لا غرم عليه وعلى ساكت فلما سأله قال أرى عليك العزة ولأن السكوت قد يكون مهابة كما قيل لابن عباس رضي الله عنهما ما منعك أن تخبر عمر بفولك في العول فقال درته وقد يكون للتأمل فلا يصلح حجة ولنا أن شرط النطق منهم جميعا
Страница 239