اعلم أن الأمر والنهي على الأقسام التي ذكرناها إنما يراد بها طلب الأحكام المشروعة واداؤها وانما الخطاب للأداء ولهذه الأحكام اسباب تضاف اليها شرعية وضعت تيسيرا على العباد وانما الوجوب بإيجاب الله تعالى لا اثر للاسباب في ذلك وانما وضعت تيسيرا على العباد لما كان الايجاب غيبا فنسب الوجوب إلى الاسباب الموضوعة وثبت الوجوب جبرا لا اختيار للعبد فيه ثم الخطاب بالأمر والنهي للأداء بمنزلة البيع يجب به الثمن ثم يطالب بالأداء ودلالة صحة هذا الأصل إجماعهم على وجوب الصلاة على النايم في وقت الصلاة والخطاب عنه موضوع ووجوب الصلاة على المجنون إذا انقطع جنونه دون يوم وليلة وعلى المغمى عليه كذلك والخطاب عنهما موضوع وكذلك الجنون إذا لم يستغرق شهر رمضان كله والاغماء والنوم وان استغرقه لا يمتنع بهما الوجوب ولا خطاب عليهما بالإجماع وقد قال الشافعي رحمه الله بوجوب الزكاة على الصبي وهو غير مخاطب وقالوا جميعا بوجوب العشر وصدقة الفطر عليه فعلم بهذه الجملة أن الوجوب في حقنا مضاف إلى اسباب شرعية غير الخطاب وانما يعرف السبب بنسبة الحكم اليه وتعلقه به لان الأصل في اضافة الشيء إلى الشيء أن يكون سببا له حادثا به وكذلك إذا لازمه فتكرر بتكرره دل أنه مضاف اليه فإذا ثبت هذه الجملة قلنا وجوب الإيمان بالله تعالى كما هو باسمائه وصفاته مضاف إلى ايجابه في الحقيقة لكنه منسوب إلى حدث العالم تيسيرا على العباد وقطعا بحجج المعاندين و هذا سبب يلازم الوجوب لانا لا نعني بهذا أن يكون سببا لوحدانية الله وانما نعني به أنه سبب لوجوب الإيمان الذي هو فعل العباد ولا وجوب إلا على من هو أهل له ولا وجود لمن هو اهله على ما اجري سنته إلا والسبب يلازمه لأن الانسان المقصود به وغيره ممن يلزمه الإيمان به عالم بنفسه سمى عالما لانه جعل علما على وجوده ووحدانيته ولهذا قلنا أن ايمان الصبي صحيح و أن لم يكن مخاطبا ولا مأمورا لأنه مشروع بنفسه وسببه قائم في حقه دائم لقيام دوام من هو مقصود به وصحة الاداء تبتني على كون المؤدي مشروعا بعد قيام سببه ممن هو اهله لا على لزوم ادائه كتعجيل الدين المؤجل واما الصلاة
Страница 146