أما أحق نوعى الحقيقة فما استبيح مع قيام المحرم وقيام حكمه جميعا فهو الكامل في الرخصة مثل المكره على إجراء كلمة الكفر أنه يرخص له إجراءها والعزيمة في الصبر حتى يقتل لأن حرمة الكفر قائمة لوجوب حق الله تعالى في الإيمان لكنه رخص لعذر وهو أن حق العبد في نفسه يفوت بالقتل صورة ومعنى وحق الله تعالى لا يفوت معنى لأن التصديق باق ولا يفوت صورة من كل وجه لأن الأداء قد صح وليس التكرار ركن لكن في إجراء كلمة الكفر هتك لحقه ظاهرا فكان له تقديم حق نفسه كرامة من الله وإن شاء بذل نفسه حسبة في دينه لإقامة حقه فهذا مشروع قربة فبقى عزيمة وصار بها مجاهدا وكذلك الذي يأمر بالمعروف إذا خاف القتل رخص له في الترك لما قلنا من مراعاة حقه وإن شاء صبر حتى يقتل وهو العزيمة لأن حق الله تعالى في حرمة المنكر باق وفي بذل نفسه إقامة المعروف لأن الظاهر أنه إذا قتل تفرق جمع الفسقة وما كان غرضه إلا تفريق جمعهم فبذل نفسه لذلك فصار مجاهدا بخلاف الغازى إذا بارز وهو يعلم أنه يقتل من غير أن ينكى فيهم لأن جمعهم لا يتفرق بسببه فيصير مضيعا لدمه لا محتسبا مجاهدا وكذلك فيمن أكره على إتلاف مال غيره رخص له لرجحان حقه في النفس فإذا صبر حتى قتل كان شهيدا لقيام الحرمة وهو حق العبد وكذلك إذا أصابته مخمصة فصبر عن مال غيره حتى مات وكذلك صائم أكره على الفطر ومحرم أكره على جناية وما أشبه ذلك من العبادات والحقوق المحترمة وأمثلته كثيرة وأما القسم الثاني فما يستباح بعذر مع قيام السبب موجبا لحكمه غير أن الحكم متراخ مثل المسافر رخص له أن يفطر بناء على سبب تراخي حكمه فكان دون ما اعترض على سبب حل حكمه وإنما يكمل الرخصة بكمال العزيمة لكن السبب لما تراخى حكمه من غير تعليق كان القول بالتراخي بعد تمام السبب رخصة فأبيح له الفطر وكانت العزيمة أولى عندنا لكمال
Страница 140