171

Осул

أصول السرخسي

Исследователь

أبو الوفا الأفغاني

Издатель

لجنة إحياء المعارف النعمانية

Номер издания

الأولى

Место издания

حيدر آباد

أَن صَلَاحِية الِاسْتِعَارَة غير مُخْتَصّ بطرِيق اللُّغَة وَأَن الِاتِّصَال فِي الْمعَانِي وَالْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة يصلح للاستعارة وَهَذَا لِأَن الِاسْتِعَارَة للقرب والاتصال وَذَلِكَ يتَحَقَّق فِي المحسوس وَغير المحسوس فالأحكام الشَّرْعِيَّة قَائِمَة بمعناها مُتَعَلقَة بأسبابها فَتكون مَوْجُودَة حكما بِمَنْزِلَة الْمَوْجُود حسا فَيتَحَقَّق معنى الْقرب والاتصال فِيهَا وَلِأَن المشروعات إِذا تَأَمَّلت فِي أَسبَابهَا وَجدتهَا دَالَّة على الحكم الْمَطْلُوب بهَا بِاعْتِبَار أصل اللُّغَة فِيمَا تكون معقولة الْمَعْنى وَالْكَلَام فِيهِ وَلَا اسْتِعَارَة فِيمَا لَا يعقل مَعْنَاهُ أَلا ترى أَن البيع مَشْرُوع لإِيجَاب الْملك وموضوع لَهُ أَيْضا فِي اللُّغَة وَقد اتّفق الْعلمَاء فِي جَوَاز اسْتِعَارَة لفظ التَّحْرِير لإيقاع الطَّلَاق بِهِ وَجوز الشَّافِعِي ﵀ اسْتِعَارَة لفظ الطَّلَاق لإيقاع الْعتْق بِهِ وَالْأَئِمَّة من السّلف استعملوا الِاسْتِعَارَة بِهَذَا الطَّرِيق أَيْضا وَكتاب الله تَعَالَى نَاطِق بذلك يَعْنِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها﴾ فَإِن الله تَعَالَى جعل هبتها نَفسهَا جَوَابا للاستنكاح وَهُوَ طلب النِّكَاح وَلَا خلاف أَن نِكَاح رَسُول الله ﷺ كَانَ ينْعَقد بِلَفْظ الْهِبَة على سَبِيل الِاسْتِعَارَة لَا على سَبِيل حَقِيقَة الْهِبَة فَإِن الْهِبَة لتمليك المَال فَلَا يكون عَاملا بحقيقتها فِيمَا لَيْسَ بِمَال وَلِأَنَّهَا لَا توجب الْملك إِلَّا بِالْقَبْضِ فِيمَا كَانَت حَقِيقَة فِيهِ فَكيف فِيمَا لَيست بِحَقِيقَة فِيهِ فَعرفنَا أَنَّهَا اسْتِعَارَة قَامَت مقَام النِّكَاح بطرِيق الْمجَاز وَكَذَلِكَ كَانَ يتَعَلَّق بنكاحه حكم الْقسم وَالطَّلَاق وَالْعدة وَإِن كَانَ معقودا بِلَفْظ الْهِبَة فَعرفنَا أَنه كَانَ بطرِيق الِاسْتِعَارَة على معنى أَن اللَّفْظ مَتى صَار مجَازًا عَن غَيره سقط اعْتِبَار حَقِيقَته وَصَارَ التَّكَلُّم بِهِ كالتكلم بِمَا هُوَ مجَاز عَنهُ ثمَّ لَيْسَ للرسالة أثر فِي معنى الخصوصية بِوُجُوه الْكَلَام فَإِن معنى الخصوصية هُوَ التَّخْفِيف والتوسعة وَمَا كَانَ يلْحقهُ حرج فِي اسْتِعْمَال لفظ النِّكَاح فقد كَانَ أفْصح النَّاس وَهَذِه جملَة لَا خلاف فِيهَا إِلَّا أَن الشَّافِعِي ﵀ قَالَ نِكَاح غَيره لَا ينْعَقد بِهَذَا اللَّفْظ لِأَنَّهُ عقد مَشْرُوع لمقاصد لَا تحصى مِمَّا يرجع إِلَى مصَالح الدّين وَالدُّنْيَا وَلَفظ النِّكَاح وَالتَّزْوِيج يدل على ذَلِك بِاعْتِبَار أَنَّهَا تبتنى على الِاتِّحَاد فالتزويج تلفيق بَين الشَّيْئَيْنِ على وَجه يثبت بِهِ الِاتِّحَاد بَينهمَا فِي الْمَقْصُود كزوجي الْخُف ومصراعي بمصالح الْمَعيشَة وَلَيْسَ فِي هذَيْن اللَّفْظَيْنِ مَا يدل على التَّمْلِيك بِاعْتِبَار أصل الْوَضع وَلِهَذَا لَا يثبت ملك الْعين بهما فالألفاظ الْمَوْضُوعَة لإِيجَاب ملك الْعين فِيهَا قُصُور فِيمَا هُوَ الْمَقْصُود بِالنِّكَاحِ إِلَّا أَن فِي حق رَسُول الله ﷺ كَانَ ينْعَقد نِكَاحه بِهَذَا اللَّفْظ مَعَ قُصُور فِيهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ وتوسعة للغات عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿خَالِصَة لَك﴾ وَفِي حق الْبَاب وَالنِّكَاح

1 / 179