ثم تطور الأمر نحو مزيد من التخفيف، فتم تخصيص طائفة من النساء كمنذورات لمعابد الإلهات الإناث، يقمن بهذه المهمة بشكل خاص بدلا من بقية النساء وفداء لهن. أما النساء اللاتي لا يقمن بذلك، ولا يدخلن في سلك الكهانة الجنسية، فكان مفروضا عليهن استبدال الجنس مع غريب بقص شعورهن للإلهة المعبودة.
تأسيس (4)
ولأن الأب الذي في السماء كان أبا في المجتمع الذكري الأبوي الرعوي، ولأن الإلهة التي في السماء كانت أنثى ولودا في المجتمع الأنثوي الأمومي الزراعي، ولأن المجتمعين تداخلا، وكذلك النظامان، فقد زوج العباد آلهتهم بعضها من بعض؛ ومن ثم كان القمر رب البادية وأبو الرعاة زوجا للأم الكبرى التي كانت صاحبة أخطر دور في حياة المحصول الزراعي ونضجه، أقصد الشمس.
ولأن هناك زواجا قد حدث فلا بد من وليد، فكما كانت حياة الأب الأول والأم الأولى على الأرض، فلا بد أن تكون كذلك في السماء، وبذلك اكتملت أضلاع الثالوث الإلهي، نعم، اختلف وضع الزهرة والشمس ما بين مجتمع وآخر، فتارة كانت الشمس ذكرا، وتارة أنثى، وتارة كان كوكب الزهرة زوجة أنثى، وتارة ابنا ذكرا، تبعا لاختلاف المجتمعات وطبيعة البيئة وعلاقتها بالشمس والزهرة، إلا أن القمر بالذات، كتبت له السيادة بسيادة الذكور المطلقة، فظل هو الأب الذكر دائما، وأخطر ضلع في الثواليث الإلهية المختلفة، الذي ربما كان أهمها لبحثنا الآن، ثالوث الجنوب العربي اليمني، الذي قدس الثلاثي السماوي: القمر كإله ذكر أخذ دور الابن، لكن القمر كان هو الإله المقدم، فعبده القتبانيون والحميريون بالاسم «عم»، وعم القبيلة أبوها وسيدها، وعبده الحضارمة بالاسم «سين»، وعبده المعينيون بالاسم «ود»، وعبده السبئيون - فيما يقول الباحثون - بالاسم «المقة». (2) آلهة القمر: سين وياسين
و «سين» كبير آلهة حضرموت، كشفته بعثة بريطانية في منطقة الحريضة عام 1944م، في نقوش تمتد بطول الشريط الساحلي لجنوب الجزيرة العربية، على امتداد أرض الأحقاف
3
وقد كان إله القمر باسم «سين» معروفا في عبادات الرافدين القديمة،
4
كما كانت له معابده ومزاراته في شبه جزيرة سيناء، التي يرى الباحثون أن اسمها مشتق من اسمه.
5
Неизвестная страница